"الإنسانُ هو الإنسانيّة جمعاء"، وأن تكون إنسانًا يعني أن تنصت إلى صدى ذرّات الكون في نفسك وإلى صدى الآخرين فيك وتحملَ بعضَ ما يحملون من عبء الوجود. كذا كان الراهب يقطين إنسانًا مفرطًا في إنسانيّته، أيقن أنّ لنا بعد الموت متّسعًا للمنام فملأ حياته بصخب العيش حاملًا همَّ الإنسان والحيوان معًا.
لقد عاش شقاءَ الطفولة ووهنَ المرض وعجزَ الكبر وصراعًا وجوديًّا ونفسيًّا عنيفًا تردّد فيه بين البؤس والشقاء، والنجاح والفشل، والشكّ واليقين... وفي الرواية تفاصيل كثيرةٌ وأحداثٌ مشوّقة، بعضها واقعيٌّ وبعضها متخيّل، كُتِبَتْ بلغةٍ سلسةٍ على ما فيها من امتزاجٍ بين الفلسفيّ والدينيّ والسياسيّ والرومانسيّ.
روايةٌ تدور أحداثُها بين مدن البرازيل وأدغالها، بين الحضارة والطبيعة، وبين داخل البطل والعالم الخارجيّ، بطلُها إنسانٌ مريدٌ نذَر حياتَه لخدمة الهنود، وجَوهرُها العودةُ إلى المنبع الأوّل منبعِ البراءة والعاطفة والحبّ، فما الإنسانُ إذا أهدر براءتَهُ على مذبح المادّة؟ وما الإنسان إذا أضاع الطريق إلى الحبّ؟
بالإجابة عن هذا السؤال، يختتم الكاتب البرازيلي جوزيه ماورو رباعيّة "زيزا"، مخلّفًا لنا وصيّته في "اعترافات الراهب يقطين"، لعلّنا نُدرك يومًا بأنّنا قد نربح الدنيا ونملكها، لكنّنا نخسر أنفسَنا بلا حبّ، وأيّ خسرانٍ تغنم أيّها الوحش؟