
ظل رجل جبان
34.99 ر.س
الحق عليه باقي 4 فقط - اطلبه الآن
المؤلف :عمر الرديني
اللحظة التي يفقد فيها المرء عقله، يصبح فيها منسي، تلك اللحظة تحديداً في يمام –مدينة الشرق- يساق فيها المرء إلى الموت، يصبح وكأنه غير موجود تماماً. كأن أيادي الموت قد اختطفته. أصرخ:
- "دينا دين رجال بس شيخنا كافر.. اللي قائم على يمام يحتاج مناقشة".
أبي دائما ينظر إلي كملحد وأن غضب الله قد حل على عائلتنا من خلالي. أمي دائما ما تراني ضعيفا، لا جدوى مني، وأنني مضطرب نفسيا. تكشفني أمام النسوة، غالبا ما تكون وصاياهم لا تنظر، لا تتكلم. الأهم من ذلك أن لا تكتب.
كنا في يمام نحن الأطفال لا نحترف شيئا سوى الكتابة على الرمل والجدران. كتبنا ما يكفي من الكلمات لأن نخلد جوعنا في الشوارع والممرات. الصفعات التي كانت تسقط علينا في كل مرة نحاول فيها الكتابة كفيلة بأن نرتعش، وفي كل مرة نجرب الكتابة من جديد كنا نفقد ثقتنا بشيءٍ ما مختلف، ولتعود تلك الثقة ولو لجزء بسيط كنا نكتب بأصابعنا المتسخة على الرمال حتى لا يراها أحد وتمحيها الرياح. لقد علمونا الخوف والخنوع والخضوع قبل أي شيء آخر. في هذه المدينة تحديدا كان الناس يزرعون الخوف في الأبناء وفي الأرض قبل قلوب الكبار ليكبر كل طفل وهو مستسلم بما يكفي ليسمح للزوار أن يسرقوها .