ليس هناك من بين المفكرين القرن التاسع عشر من ترك أثراً مباشر قوياً متعمداً في الجنس البشري مثل كارل ماركس، فقد كان له على أتباعه، إبان حياته وبعد موته، نفوذ فكري ومعنوي فريد في قوته، لايماثله نفوذ أخر حتى في ذلك العهد الذهبي، عهد القومية الديموقراطية، الذي شهد ظهور أبطال وشهداء شعبيين عظماء وشخصيات رومانسية، بل هي تكاد تكون أسطورية، سيطرت حياتهم وكلماتهم على أخيلة الجماهير وخلقت تقليداً ثورياً جديداً في أوروبا. ومع ذلك لايمكننا القول إن ماركس كان شخصية شعبية في أي وقت من الأوقات بالمعنى المألوف لهذه الكلمة: فما لاريب فيه أن ماركس لم يكن بأي حال كاتباً أو خطيباً شعبياً.