لا تتوقف الإشارات عن التدحرج في مخيلته، هذه المرة مع الموت كاختيار نجاة، أن يذهب للموت بمحض إرادته، يرتدي معطفًا يملأه بالحجارة ويقذف نفسه في النهر على طريقة "فيرجينيا وولف"، "أوووه ولكن تجاربي القرائية معها سيئة .. تباً للترجمة إنها أكبر خيانة للنص، وأيضًا ماذا سيقول عني رجال قبيلتي وأنا أسير على خطى امرأة". يطرد الفكرة من رأسه ويفكر في أن يدخل في حزبٍ معارض ويسهل مهمة القبض عليه، وحينها يطلب أن يعدم وهو يلقي قصيدة رثائه على طريقة "لوركا" يتمتم: "لن أموت خائنًا لوطني .. إنه قدري".
يستفيق من الأفكار السابقة على التماع شرارة موت أخرى، بأن يطلق رصاصة على رأسه الصغير ويفجره متبعًا نهج "ارنست هيمنغواي"، لكنه في كل مرة يكتشف أنه ما زال متشبثًا بالحياة أكثر. بحث عن طرق نهايتها أقل وجعًا وأكثر أملاً، فكر في أن يدفن كتبه ويجعل لها قبرًا يطرز على شاهده أجل ما كتب، إلا أنه أضعف من أن يطيق العيش في مأتم، وبيديه أن ينبش القبر ويعيد سطوره للحياة. عقله المنتفخ بالأفكار يحرضه على أن يخطو بجرأة، وينفخ في أوداجه مشروع الإبادة، ويهمس له: لا "أبو حيان التوحيدي" أقدر منك، ولا "إبراهيم شحبي" المنسي في حقوله أشجع منك. استعان بذلك الصوت الهامس، جمع بعضًا من كتبه وصعد الجبل، صرخ في رفاقه، اليوم سيشوى صيدنا من "الوِبار" بنارٍ ثقافية.
تأسست دار ميلاد عام2015م بغرض اكتشاف ورعاية ونشر الأعمال الأدبية الجادّة التي تثري المشهد الثقافي المحلي والعالمي في مجال الرواية والقصة القصيرة والشعر والمقال والدراسات