
تاريخ الجزائريين في البيت المقدس وفلسطين
56.06 ر.س
الحق عليه باقي 2 فقط - اطلبه الآن
عمّان في 16 سبتمبر / العمانية /يؤرخ كتاب "تاريخ الجزائريين في بيت المقدس وفلسطين" لشعبَين وبلدَين؛ شعب الجزائر وشعب فلسطين معاً، حيث امتزجت دماء الشعبين على ثرى فلسطين، كما امتزجت ثقافة البلدين وعاداتهم الاجتماعية، بتأثيرٍ من الوجود الجزائري في فلسطين.
ويوضح مؤلف الكتاب، إبراهيم المقدسي، أن الدافع وراء اشتغاله على هذا الموضوع هو "القصور المعرفي لدى أهل المشرق العربي من الإلمام بتاريخ المغاربة عموماً، والجزائريين على وجه الخصوص"، مضيفاً أن هذا القصور "يتحمل مسؤوليته كلا الطرفين: المشارقة والمغاربة على حد سواء"؛ مستشهداً بقول الباحث الجزائري فرحات الدراجي: "إن المشارقة لا يعرفون عن المغرب وشؤونه وتاريخه شيئاً كثيراً، وقلَّما نجد كتاباً للمشارقة عن المغرب سالماً من الأخطاء".
ويشير المقدسي إلى أن ما كُتب من الدراسات والأبحاث والأطروحات الجامعية، وما عُقد كذلك من المؤتمرات والملتقيات العلمية حول علاقة الجزائر بفلسطين، كلها تبحث في التاريخ المعاصر لهذه العلاقة، وهي تدور في معظمها حول علاقة الجزائر بالقضية الفلسطينية ومناصرتها لها.
إلا أن هذا الكتاب يتطرَّق إلى موضوعات لم يسبق أن طُرحت من قبل؛ إذ نقرأ فيه حديثاً مفصَّلاً عن موجات هجرة الجزائريين المتتابعة إلى فلسطين منذ الحروب الصليبية إلى العصر الحديث، ودوافع تلك الهجرات وأسبابها، ومن تلك الأسباب: الجهاد في سبيل الله لتحرير بيت المقدس والمسجد الأقصى من الاحتلال الصليبي، وشد الرحال إلى المسجد الأقصى وزيارته، ومجاورة بيت المقدس، والهجرة لطلب العلم أو نشره في بيت المقدس، أو الفرار من الاستعمار الفرنسي.
ويذكر مؤلف الكتاب أن تلك الهجرات نتج عنها وجود تجمع جزائري كثيف في مدن فلسطين وقراها على امتداد فلسطين، من منطقة الجليل على الحدود السورية واللبنانية في الشمال، إلى قطاع غزة في الجنوب الفلسطيني. بل إنهم أسسوا في الشمال الفلسطيني كثيراً من القرى التي لم تكن مأهولة من قبل، أو كان فيها قلَّة من أهل فلسطين، وبلغ عدد تلك القرى 14 قرية، عرَّف المؤلف بها وتحدث عن دور أهلها في الحفاظ على الأراضي الفلسطينية والدفاع عنها، إلى أن جرى تهجيرهم منها بعد النكبة مع مَن هُجِّر مِن أهل فلسطين جميعها.
وينتقل الباحث بعد ذلك للحديث عن الأوقاف التي وقفها الجزائريون في بيت المقدس وفلسطين، والتي انتفع بها عموم المغاربة، وكانت هذه الأوقاف على نوعين: الأولى أوقاف علمية ثقافية، مثل زاويتَي المغاربة وأبي مدين الغوث في القدس، وزاوية الأشراف المغاربة في مدينة الخليل. والنوع الثاني هي الأراضي الزراعية والعقارات السكنية، وهي كثيرة وفي مدن فلسطينية عديدة.
وفي مبحث آخر تحت عنوان "المهاجرون الجزائريون وصراع الهوية"، نقرأ عن المعاناة التي عاشها الجزائريون في فلسطين منذ أواسط القرن التاسع عشر، إبَّان هجرتهم مع الأمير عبد القادر؛ فهم جزائريون ولاءً وانتماءً، بينما تعدُّهم فرنسا من رعاياها وتابعيها ويحملون جنسيتها، رغم أنها لا تمنحهم حقوق الرعايا الفرنسيين، وهم يعيشون على أرض "الدولة العثمانية" التي لم تعاملهم معاملة رعاياها لكونهم يحملون الجنسية الفرنسية، ثم أصبحوا في فلسطين تحت حكم الاستعمار البريطاني، إلى أن جرى تهجيرهم بعد النكبة، فلجأوا إلى مخيمات الشتات في الأردن وسوريا ولبنان، وأصبحوا بلا هوية وبلا وطن وبلا مرجعية.
ثم يعرِّج المؤلف على التعريف ببعض أعلام الجزائريين ومشاهيرهم في بيت المقدس وفلسطين قديماً وحديثاً، ويسلّط الضوء على كثير من الأعلام الجزائريين الذين ربما كانوا مجهولين عند أهل فلسطين نفسها، وكذلك عند الجزائريين (مثل الشهيدة دلال المغربي).
بعد ذلك ينتقل الباحث إلى الحديث عن الحياة الاجتماعية للجزائريين في فلسطين، ويذكر أنهم حافظوا على هويتهم الاجتماعية بمختلف صورها، على عكس المهاجرين من الجاليات الأخرى، مثل التركمان والبخاريين الذين اندمجوا في المجتمع الفلسطيني.
وفي مبحث ذي صلة بالحياة الاجتماعية للجزائريين في بيت المقدس وفلسطين، يتحدث المؤلف عن المهن والوظائف التي عمل بها الجزائريون، والتي كان البعض منها حِكراً عليهم أو على عموم المغارية دون غيرهم، ويذكر أسماء بعض من تولوا هذه المهن أو الوظائف. ومنها: وظيفة شيخ المغاربة، ويورد أسماء العديد من الجزائريين الذين تولوا هذه الوظيفة منذ القرن السادس عشر للميلاد إلى يومنا هذا. ومن الوظائف أيضاً: النظر على أوقاف المغاربة، ومهنة حراسة الأسواق وسعاية البريد. كذلك الوظائف الشرعية من إفتاء وقضاء، والوظائف العلمية من تعليم ونسخ كتب، إضافة إلى الوظائف الإدارية، ومهن الزراعة وتربية الماشية.
ثم يذكر المؤلف في مبحث خاص "جهاد الجزائريين في فلسطين"، فيذكر إسهامهم في ذلك، منذ مشاركتهم في تحرير بيت المقدس مع صلاح الدين الأيوبي، حتى مشاركتهم في الثورات الفلسطينية المتعاقبة، ومقارعتهم الاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية، وإسهامهم في تأسيس بعض الفصائل التي كانت النواة الأولى لتأسيس العمل الفدائي.
/العمانية / النشرة الثقافية / طلال المعمري