إن الناظر في كتب الفقهاء لا تخفى عليه مكانة التصحيح الفقهي المذهبي عندهم، وشدة اعتنائهم به، وكثرة كلامهم عنه، وتآليفهم فيه، من سائر المذاهب، والتصحيح قد يكون ضمنيًا في ثنايا الكتب، وتضاعيف المصنفات، ولا يكاد يخلو من ذلك كتاب معتمد قي أي مذهب، سواء أكان متنًا أم شرحًا أم غيرهما.
وقد يكون مقصودًا بالتأليف، فثمت مؤلفون قصدوا بتآليفهم التصحيح أصالة، فعنونوا لكتبهم باسم التصحيح، وصححوا بهذه الكتب كتبا سبقتهم، وقد أحصيت من ذلك أكثر من ثلاثين كتابًا في المذاهب الفقهية، وهذا يدل على أهميته البالغة، وعظيم عناية الفقهاء به.
وتأتي هذه الرسالة للتعريف بالتصحيح الفقهي المذهبي وأهميته وأنواعه ومسالك العلماء فيه من المذاهب الأربعة، مع تتبع حركة التصحيح في المذهب الحنبلي من الإمام أحمد إلى الشيخ منصور البهوتي.