يعتبر المرور بمرحلة النقد أمرا ملحا في أي ثورة فكرية وتطور للعلوم ؛ إذ يستحيل الوصول إلى النضج الكامل والأصالة الحقيقية دون المرور بها . ولكن الفرق بين علماء الحضارة الإسلامية التجريبيين وغيرهم ؛كان في المساحة التي شهدت جهودهم النقدية . فإذا كان نقد جالينوس قد اقتصر على أسلافه اليونانيين فقط ، فإن النقد عند علماء المسلمين كان أمرا محوريا في كل عمل علمي أخرجوه . وتعاملوا مع كل ما يطرح من قضايا علمية - سواء من تراث الأوائل أو حتى من علماء الحضارة الإسلامية- بالمنطق العلمي، أي أصبح النقد ممارسة علمية دائمة تدخل ضمن المنهج العلمي في البحث في العلوم التجريبية لديهم، أدت إلى صيرورة المعرفة البشرية. ولذا؛ فوجود الحسن ابن الهيثم وجابر بن حيان وأمثالهما كان لازماً وممهداً لظهور إضافات غاليليو ونيوتن وكوبرنيكوس العلمية. فلو لم يظهر ابن الهيثم لاضطر نيوتن ورفاقه أن ينتظروا ستة قرون -على الأقل- قبل يبدأ من حيث بدأ جابر بن حيان و رفاقه.