تُدرج نظرية ما بعد الاستعمار ضمن النظريات المتفرعة عن النظرية الثقافية، وقد عَمِدَ مفكروها إلى نقض الفكرة القائلة: (لا يمكنك تفكيك منزل السَيِّد بأدواته)، فحللَّوا الخطاب الاستعماري بالأدوات النقدية الغربية ذاتها، وأبرزوا تداعيات الاستعمار على الثقافة، والمجتمع، واللغة، أثناء مرحلتي الاستعمار، والاستقلال. وأفردوا مساحة لمناقشة الثنائيات التي تزتكز عليها المعرفة الغربية، كثنائية (شرق/غرب)، ودرسوا آثار عملية التغريب، وكيف هبطت هذه العملية بالعالم المستَعمَر إلى منزلة الهامش، وناقش المفكرون قضايا الهوية، والنِّسوية، والهُجنة، والتبعية الثقافية، وآليات الهيمنة الجديدة.وقد أثَّرت على النظرية على الدراسات الأدبية، واللغوية، والتحليل الاجتماعي، والسياسي بوجه عام. وتوسَّع استخدامها داخل وخارج الأكاديمية الغربية، ووصِفت النظرية بأنها نظرية مرتحلة طُبِعَت بتلوينات إقليمية عديدة، غير أن المكتبة العربية لا زالت تفتقر لدراسات تبرز أمداء هذه النظرية وتعدد حقولها التطبيقية.