إنَّ المتأمل في الرواية السعودية يدرك أنها لم تعد مسكونةً بهواجس التقليدية من خلال الإيهام بالواقعية، واحترام مبادئ الزمنية والسببية، والنزوع إلى أحادية المنظور، ووضوح اللغة
وبنية الشخوص فيزيقيا. كما أنَّها لم تعد ثاويةً في عوالم الحداثة السردية وتقاناتها من تخطيب زمني ومفارقات سرديَّةٍ، ونزعةٍ بوليفونيَّةٍ وتنوُّع في التبئير، وانغماس في السحرية الفانتازية وتيَّار الوعي - بل أسعفها نزوعها التجريبي إلى الاتكاء على آليات وتقانات ما بعد حداثية، ومنها: الميتا سرد والكولاج ، وما تمخض عنهما من تغير في بنية المحكي وتأويله. والرواية السعودية وإن سارت بخطواتٍ متسارعة مواكبة المنجزات الروائية العربية والعالمية فإنها لم تحظَ - فيما أعلم - بدراسة علميَّةٍ تقارب تشكلات الميتا سرد والكولاج على نحو منهجيّ مُستقِل. ولذا فقد عزمت على إضاءة معالم هاتين التقانتين، واستجلاء أنماطهما، واستنطاق غاياتهما بمقاربة اثنتي عشرة رواية وفقًا لمنظور ما بعد الحداثة إن على مستوى الرؤية أم التشكيل.