بحثا عن سيرة الحفاة القدامى، رواد الهوامش، شاربي كأسهم بالدين لآخر الشهر أو العمر، المؤجلون أكثر من فواتيرهم، من أصواتهم طلاء رتاج السماء، والمحرجون من عجز السينما عن فهم انزياح ظلال الأشجار إلى جذوعهم، من تمدد الزمن بين أكتافهم حتى ضاعت التنهيدات في صدورهم، المحاولون حقا نثر سيرتهم الرماد سماداً للأرض، فكتبتهم الأشجار، المتصالحون مع الرياح بلا دليل، أو نظام ملاحة، المتفهمون غريزة السفن قبل الوصول، من انحسر الدرب عن خطواتهم حتى بدت سوأة التيه، المصغون للفراغ؛ أغنيتهم الوحيدة، تشربوا المسافات حتى فاضت الدروب من أقدامهم، ها جواربهم شاهدة على نفسها، حين يرفونها تمتد طرق جديدة، وحين ينقعونها في الماء تأبى إلا أن تطفو ممسوسة بعدوى الجسور التي عبروها.