ما دام العلم مستمراً في إنجازاته، وأسلوبه لا يزال يسري في كل مجالات الحياة وقطاعاتها، ولا يزال يحقق مكاسب ونجاحات أيضاً، فالحداثة، كمنظومة، ستظل قائمة ومهيمنة لا تهتز وتحتل المركز، تاركة بقية الرؤى الأخرى في الهامش، بل جاذبة ومحتوية لها. وعليه، فالمعركة مع الحداثة، سواء في بعدها الإيجابي أو السلبي، لن تثمر في عالمنا العربي الإسلامي، دونما الخوض في دلالة العلم الحديث، والوقوف عند الزلزال والانقلاب العميق الذي أحدثه في رؤية العالم وفي مناهج البحث والمعرفة الحديثة والمعاصرة. ليصبح الإشكال الحقيقي الواجب التطرق إليه هو: هل يمكن إيقاف العلم وطغيانه؟ وكيف يمكن لجم هيمنة رؤيته على تصور البشر؟.
إن بعض المشاريع الفكرية( كمشروع"طه عبد الرحمن" و"وائل حلاق" ) لها طموح الخروج من ربقة الحداثة حيث ضاقت درعاً بما سببته من دمار وجروح للإنسان، نراها تتعامل مع الحداثة كصناعة أوروبية خالصة وهذه فكرة فيها نظر، كما نراها أيضاً تتعامل مع الحداثة كأنها اختيار، بينما في حقيقة الأمر، تعد نسقا انبثق بعد مخاض نظري كبير ساهمت فيه البشرية جمعاء، وهو ما سيقف هذا الكتاب عند بعض