هناك منجزات إبداعية وفنية مهمة لمكفوفين ومكفوفات، وهناك من وظف العمى في أعماله السردية، وهنا كتاب يتناول بالنقد معالجة نماذج من تلك التجارب بتفعيل بعض المصطلحات النقدية المقترحة، والمحايثة بما يتلاءم مع الثقافة العربية؛ إذ تُدرس بعض لوحات التشكيلية السعودية نورة حمود، من خلال (مرآوية التحديق)، لتحدِّث لحظة فتح أعيننا مشدوهين رغبة في الإحاطة بالمشهد، الذي لا يفصل الفنّ عن نظرة التقليل من الفنان. وفي الرواية التاريخية يتمثل درس الطريقة التي أفصحت بها رواية (المحيط الإنكليزي) للكاتب البحريني فريد رمضان. ويناقش الكتاب منظومة الشّكّ في كتاب (الأيّام) لطه حسين: مستوياتها ووظائفها، هادفًا إلى الوصول إلى ملامح الائتلاف، وكشف مستويات الاختلاف. ثم إلى معالجة تتوسل إلى الصرامة العلمية لشعر اثنين من الشعراء العرب، وهما: الشاعر الكويتي صقر الشبيب، والشاعر اليمني عبدالله البردوني؛ بتفسير وتعليل العلاقات البنيوية في منتج الشبيب، تلك التي يتحول الشاعر بها إلى حكّاء، وتطبيق ذلك في جميع قصائده، مع ملاحظة أن الوسيط الذي يقوم بهذا الدور هو الإعاقة، المتمثلة في كونه فاقد البصر. ويقترح منهجًا محايثًا لاختبار هذا الملمح، ومحاكيًا لحركة الأعمى نفسها، بالعمل على مصطلحات: التأرجح والاستناد والوصول، التي تؤدي إلى نشوء ما يطلق عليه الروح السردية في نصوص الشبيب الشعرية، ويقود التساؤل عبر الخاتمة إلى قراءة مجموع أعمال البردوني الشعرية، وكيف أمكن النظر إلى خاتمات نصوصه! لتنفتح على بوابة جديدة، توشك أن تقدم إلى القارئ تجربة الدخول الثرية إلى عالم التأويل المتجدد.