.. هذه المقالات منها ما كان أثرًا لساعته كتبتُه هكذا عفوَ الخاطر، ومنها ما كددتُ له ذهني، وأنضَيْتُ له قلمي أيّامًا.انتخبتُها من عدَّة أعمالٍ نشرتُها في سبع مطبوعاتٍ على امتداد سبعة عشر عامًا؛ ففيها ما لا ينفكُّ عنه قلمٌ ـ ما يزال يكتب ـ من تفاوتِ القيمة العلمية والفنية، وتباينِ الحالة النفسية، وأثرِ هذه السنين..قد كان من أسمى مقاصدي المرجوَّة من نشرها؛ أن أكشفَ لكثيرٍ من القراء عمّا لمنهجِ التفكير، والتنوُّعِ المعرفيّ، والبيانِ الوضيء؛ من أثرٍ بالغٍ على بنيةِ العقل، ونوعِ الخطاب.نعم؛ لم أصمُد إلى هذا المقصد مباشرة، وإنما كان إيحاؤه ماثلًا في كلِّ حرفٍ كتبتُه، إذ ربما كانت الظِّلال في اللوحة أروعَ في نَفْس المتأمِّل من وَهَج الأضواء.. «حين تصرخ في أُذُني لا أسمعك جيّدًا».لستُ أزعم أن لهذه المقالات من الخطر ما لذلك النِّتاج الأدبيِّ والفكريِّ الذي من شأنه أن يَفْتِق عن العقل.. يُقيم ويُقعِد، يَهيج مكامنَ القُدْرة، ويُصيب مواقعَ الشُّعور، ثم يمنح القارئ ذاك الذي بعضُ معانيه أنه أصبح به شيئًا آخر على غير ما كان عليه، لا.. بيد أني أحسب أنها لا تخلو من ظلالٍ من معنى قولِ دوستويفسكي النافذ: «الكلمةُ عملٌ عظيم».