حرص كثير من علماء السلف والخلف على جمع أربعين حديثًا من أحاديث الرسول ﷺ، وتفننوا في جمعها حتى تعددت موضوعاتها، وتباينت مقاصدهم، وقد صنفوا في ذلك ما لا يحصى من المصنفات، واختلفت مقاصدهم في تأليفها وجمعها وترتيبها.
فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد في أربعينه، أو إثبات الصفات، مثل الأربعين في دلائل التوحيد، لأبي إسماعيل الهروي -رحمه الله-، والأربعون في صفات رب العالمين، للإمام الذهبي-رحمه الله-.
ومنهم من قصد في أربعينه الأحكام، كما جمع الإمام الحافظ المنذري-رحمه الله- أربعينًا في أحاديث الأحكام.
ومنهم من اقتصر على العبادات، من بين الأحكام، كالأربعين في العبادات، ليوسف بن عبد الله بن سعيد الحسيني الأرميوني المصري الشافعي، تلميذ الإمام السيوطي-رحمه الله-.
ومنهم من اختار المواعظ والرقائق.
ومنهم من اختار في أربعينه إخراج ما صح سنده، وسلم من الطعن.
ومنهم من قصد ما علا إسناده.
ومنهم من أحب تخريج ما طال متنه، وظهر لسامعه حين يسمعه حسنه، إلى غير ذلك.
وسمى كل واحد من هؤلاء كتابه: الأربعين في كذا، وأشهرها: الأربعون النووية للإمام النووي-رحمه الله-.
وقصد الإمام النووي-رحمه الله- جمع أربعين حديثًا في قواعد الدين وأصوله، الأحاديث التي عليها مبنى الدين، وزاد الحافظ ابن رجب عليها ما زاد، وشرحت كثيرًا.
وهذ الكتاب الأربعون القلبية في أعمال القلوب وإصلاحها ، مرجعه لما درج عليه العلماء، وقد ورد حديث مشهور بهذا بروايات متنوعة عن عدد من الصحابة، كعلي وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وأبي سعيد وأبي هريرة وأبي أمامة وابن عباس وابن عمر وابن عمرو وجابر بن سمرة وأنس وبريدة، وقد ساقها الإمام ابن الجوزي-رحمه الله- في كتاب "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية" وبين ضعفها، ومن هذه الروايات: من حفظ على أمتي أربعين حديثًا من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة فقيهًا عالمًا [العلل المتناهية: 1/119].
وفي رواية: قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت[العلل المتناهية: 1/119].
وفي رواية: بعثه الله فقيهًا وكنت له يوم القيامة شافعًا وشهيدًا[العلل المتناهية: 1/120].
ولكنه مع رواياته الكثيرة لا يصح، ورد من طرق كثيرة لا تخلو من ضعف،
وللعلماء اجتهاد في ذلك، ولهم استئناس بالحديث الوارد، وكثرة طرقه
وهذا الجمع له فوائد منها: إيجاد مختصر يسهل على المسلم أن يحيط بأصول جانب من الجوانب
وحتى لو لم يثبت الفضل الخاص، لكن الفضل العام في إيصال العلم للناس، في وضع ملخص، جمع متون تلم موضوعًا ؛ تلخص بابًا؛ ففيه فائدة تعليمية عظيمة، قال الإمام النووي-رحمه الله- في مقدمة الأربعين النووية: "وقد صنف العلماء -رضي الله تعالى عنهم- في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات .
فيجمع هذا المصنف في بابه أحاديثًا تتحدث عن مادة القلب وما يتعلق به
فتيسر جمعها وشرحها واستخراج الفوائد منها >>
<iframe class="ql-video" frameborder="0" allowfullscreen="true" src="https://www.youtube.com/embed/QcIa6HpqWvQ?showinfo=0"></iframe>