موسوعة هكذا ترافع العظماء 3مجلدات لـ بهاء المري
345 ر.س
الحق عليه باقي 1 فقط - اطلبه الآن
(هكذا ترافع العظماء)
أروع مرافعة فى أشهر محاكمة تأديبية بين المستشار عبد العزيز فهمي رئيس محكمة النقض ، ومرقص فهمى المحامي
منعقدة بهيئة مجلس تأديب ، بمناسبة الحكم بالغرامة على عدد من المحامين فى عصرهم ، وتقديمهم للمحاكمة التأديبية بتهمة اهانة محكمة الجنايات
لانسحابهم من المرافعات أمامها.
«فهمى» أخذ فى مرافعته ، ويظهر على ملامحه علامات التعجب وهو يتساءل : « إن الخلاف قد قام بين الفريقين عن أصل واحد هو صون الكرامة ، فكيف يتفق الطرفان على المبدأ ثم يختلفان عند التنفيذ ؟
أو بمعنى أخر ما هو معنى الكرامة عند الطرفين؟ وتظهر عبقرية « مرقص فهمى »، واقتداره حين يصل بالتحليل الدقيق إلى أن طبيعة عمل المحامي وخبراته المكتسبة من ممارسة المهنة لا يمكن أن تحمله على الإعتداء على القاضي.
محامي يترافع وقاضي يحكم
بينما طبيعة القاضي - بحسب المرافعة - الذى يؤدي وظيفته بين احترام الجمهور ووسط الابتسامات المتملقة ، والخضوع المغرى من كل جانب تجعله يعتبر أن أى طلب أو مناقشة بينه وبين المحامى فى عملهما المشترك خروجا على كرامة القضاء ، ثم يدلل على صحة تعليله بالمقارنة بين طبيعة الاثنين : « فهذا يرجوا ويرجوا وقد يقبل طلبه يوما ، ويرفض أياما فتتكون عنده غريزة الصبر ، بينما الآخر يحكم ويأمر ويحسم فتتكون عنده غريزة الأمر واقتضاء الطاعة ».
وبحسب « فهمى » في مرافعته ، هذا يترافع علنا ويكتب مذكرات ليؤكد فيها على ثقته بعدالة قاضيه ، بينما طبيعة عمل القاضي السكوت علاوة على أنه لا يتكلم عن أداب المأمورية المشتركة بينهما بل لعله لا يراها كذلك اصلا ، بينما يعمل المحامي جاهدا الى استمالة القاضى تمهيدا لاقناعه بحق موكله والقاضي لا يبغي شيئا من المحامي ، ومن ثم لا تهمه حالته النفسية وقد يرى أن تكرار الخضوع حقا له ».
ثم ينتهى « فهمى » من المرافعة في هذا الجزء بنتيجة هي أن الطبيعة تحدثنا بأن المحامي بحكم موقعه ، ولمصلحته الذاتية ومن غرائزه المكتسبة « لا يعتدى » ، إلا أن « فهمى » لا ينسى وهو في هذا المقام أن يذكر بالاحترام والتقديس الواجبين لمهنة المحاماة ، حيث تناول بالرد على العبارة التي وجهتها محكمة الجنايات بحكم الغرامة إلى المحامين المنسحبين وكانت : « أن واجب المحامي أن يطيع المحكمة وأن يعلم الناس طاعتها ».
وفى تلك الأثناء ، تهتز لزئيره جنبات محكمة « النقض » حين يختم هذه الجزئية بقوله : « لا يا سيدى ليس القاضي ذلك الذى يأمر ويقتضى عمله الطاعة ــ وليس من واجبنا أن نطيع أحد ولا أن نخضع لأحد ولا أن نعلم الناس الطاعة فلسنا معلمين للطاعة والخضوع وإنما نحن رسل الحق والهداية الى العدل »، وردد قائلاَ : « أن القاضي لا يأمر ولا يحب طاعة ولا خضوعا ولا يجب ذلك على أحد منا ، لكنه يعلن كلمة الحق وفى هذا جلاله وعظمته ، أما الطاعة والخضوع فلها جنود ولها منفذون ».
« إن المحامي أمام القاضي لا يطيع ولا يخضع بل يبذل وقته ، ويرشد ويبين طريق العدالة ويهيئ للقاضي أن يؤكد بأحكامه في اذهان الناس ، وفي قلوبهم مكانته من الاجلال والاحترام ، وما أبعد شرف الإرشاد وتمكين الجلال من منزلة الطاعة والخضوع وتعليم هذه المنزلة للناس ، فإذا قلنا بالمساواة والإخلاص بين الاثنين ، فإنما نرجو تلك المساواة الداخلية في التقدير والاحترام لا المساواة الخارجية المستمد من خوف الجماهير وتحيات الجنود ، فذلك مما لا مطمع ولا حاجة لنا به » - وفقا لمرافعة «فهمى».
دروس مستفادة
وفجأة تراه يستدير في تؤده ناحية ممثل النيابة الذى كتب فى مذكراته أن المحامى يترافع واقفا ليصل بذلك تلميحا إلى أن « المحامي » فى مرتبة أدنى من مرتبة « القاضي » فيقول له بدوره : « انما يقف المحامي أمام القاضي وأمام جمهور الناس ليشهدهم ، ويشهد الله قبلهم على انه رسول العدل ، وأنه من طرق العبادة ما تقوم به واقفا ، وما تقوم به جالسا ، وكلا الموقفين يستويان ، فلا تقل أن المصلى جالسا يجوز أن يأمر المصلي واقفا فهما واحد لا يتجزأن.
كما يتكلم المحامي واقفا جمعا لقوته ليثور على الباطل فان فى الجلوس فتور وأن الفتور جمود ، والوقوف عند الكلام ليس موقف طاعة بل هو موقف تتفق فيه النيابة مع المحامي اذا تكلما ، بل يقف المحامي فى مكان منخفض مرتديا السواد حزنا ، ليكون قريبا مع من قهرتهم شهوة الانسان ليسمع آهاتهم فيرسل إلى قلب القاضي صرخات المظلومين » ، ثم يردد داخل قاعة المحكمة فى ختام مرافعته بصوت جهور قائلاَ : « أنها المحاماة ايها السادة ، أقسم انني اعشقها حد العشق ، وتسرى فى عروقي كما يسرى الدم ».
متجر الاجادة لبيع الكتب نعرض باقة من أروع ما خطته أنامل، نُعلي قيمة العلم لرفعة الأمة نهتم بكل ما يتعلق بالكتاب بداية من الفكرة إلى التوزيع متخصصين في الكتاب الجامعي بصفة عامة والقانوني منه بشكل خاص.