روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان

للامام الحافظ ابي حاتم محمد حبان البستى

علق عليه طارق بن عبد الواحد بن علي

مقدمة بقلم فضيلة الشيخ أبي . محمد عبد الرحمن فودة

بسم الرحمن الرحيم

مقدمة بقلم فضيلة الشيخ: أبي محمد عبد الرحمن فودة - حفظه الله تعالى -

الحمد لله الذي خَلق الإنسان وعلمه البيان، وامتن عليه بنعمة العقل فمیزه به عن الحيوان فامتدح في كتابه الحكيم أولي الألباب ﴿إِنَّ في ذلك لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ) الزمر ۲۱]، ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الرعد ٣]، وعرض بأولئك الذين لا يعقلون.

والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه الكرام.

وبعد :

فإن مما يُسعِدُ المسلم ويُبهجه أنه ينتمي إلى أمة الإسلام؛ هذه الأمة العظيمة المعطاءة منذ بعثة النبي الا الله وإلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها، وإن مما يُميز هذه الأمة أنها أمةُ العلم، وأن أول ما نزل من كتاب الله تعالى على قلب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق]، تَحُثُ على العلم وطلبه وفضله، وقد استجابت كما تتابعت الآيات التي الأجيال المسلمة - منذ عهد الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعًا - إلى يوم الناس هذا، وتسابقت في طلب العلم ونشره في أرجاء المعمورة، وتنوعت العلوم التي بَرَع فيها علماء الأمة، وبرزوا فيها من علوم تفسير لكتاب الله تعالى، إلى جمع الأحاديث النبي ، وشرحها ، وتعمق في فقه الكتاب والسنة، وغير ذلك من العلوم؛ التي كان منها ما يُسمَّى بـ «المُلَح والمنثورات»، والأدب - نثرا وشعرًا ـ، التي غالبًا ما يتأدَّبُ بها المتأدبون، ويُروحُ عن أنفسهم بها المسلمون .

ولعلَّ مِن أهم ما أُلف في هذ الشأن ما قدَّمه الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر»، وفي أخبار الأذكياء - وغيرهما ، لكنه كان مسبوقا بما قدمه الحافظ أبو حاتم محمد بن حِبَّانَ البُسْتي المتوفى في (٣٥٤هـ) - في كتابه الماتع «روضة العقلاء، ونزهة الفضلاء الذي جاء في أسلوب سهل ممتع، لا هو بالطويل المُمِل ، ولا بالمختصر المُخِل، وقد أورد فيه ما يُعد من تجارب العقلاء وحِكَمِهم المأثورة ، ودُرَرِهم المنثورة، مما يجب أن نتخذه نبراسا نهتدي به في ظلماتِ الأهواء المضلة، والفتن التي صارت كقطع الليل المظلم؛ ترويحًا عن النفس، وإجمامًا لها، وتبصرا في واقع مرير تعيشه الأمة.

وقد طبع هذا الكتاب - روضة العقلاء ونُزهة الفضلاء» - طبعات عديدة، اطلعت على ،بعضها فوجدتُها مليئة بالأخطاء الطباعية والسقط الكثير الذي يُخِلُّ بسياق الكلام، وتضيعُ منه الفائدة، وبالجملة خرج معظمها في صورة غير جيدة؛ اللَّهُمَّ إلا طبعةً وحيدة - أشار إليها المعتني بهذه النسخة التي بين أيدينا ، ومِن ثَم لم يهتم كثير من القُرَّاء بهذا الكتاب، ولم تتحقق منه الفائدة المرجوة؛ فجاءت هذه الطبعة التي يقدِّمُها الأخ الكريم أبو شعيب طارق بن عبد الواحد - حفظه الله وسدَّد على طريق الخير والحقِّ خُطاه ، وقد اطلعتُ على جهودِ الأخ «طارق» في هذا الكتاب وغيره من الكتب التي قام على خدمتها ؛ سواء كانت اعتناء، أو تهذيبًا واختصارًا، أو تأليفا، فوجدته قد أوفى بالغرض، فجاءت الطبعة - في ظني - سليمةً نقية، كما أنها جاءت في ثوب قشيب وحُلَّةٍ بهية، إذ ضبط نصَّها ضبطا جيدا، وبين معاني الكلمات الغامضة بيانًا وافيًا؛ كما أنه خرَّج الأحاديث تخريجًا وسطا، وبهذا يكون قد قرَّب الكتاب إلى القُرَّاء تقريبا، وهذَّبه إليهم تهذيبا، وحببه إليهم تحبيبًا، فجزاه الله خيرًا على ما قدم وأسأل الله له القبول، ولكتابه النفع والرشاد

ولسائر العباد؛ إنه - تبارك وتعالى - ولي ذلك والقادر عليه .

وكتبه

عبد الرحمن إبراهيم فودة

مدرس البلاغة والنقد بكلية دار العلوم جامعة القاهرة

٢٥ صفر ١٤٣١هـ

الخاتمة

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء

قال أبو حاتم : قد ذكرنا اليسير من الكثير من الآثار، والقليل من الجسيم من الأخبار - في كتابنا هذا - بما نرجو أن القاصد إلى سلوك سبيل ذَوي الحجي، والسالك مقصد سبيل أُولي النهى : يكون له في غُنية - إن تدبَّرَها واستعملها ،، وإن كنَّا تَنكَّبْنا طرق المسانيد، وتخريج الحكايات وأناشيد الأشعار، إلا ما لم نجد بدا من إخراجها، كالإيماء إلى الشيء، والإشارة إلى القصد.

جَعَلنا الله ممن دعته تباشير التوفيق إلى القيام بحقائق التحقيق؛ للتمكن من رحمته وطلب الوصول إلى محِلِّ أهل ولايته إنه منتهى الغاية عند رجاء المؤمنين، والمان على أوليائه بمنازل المقربين.

وصلَّى الله على محمد خاتم النبيين، وعلى آله الطاهرين الطيبين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا مباركًا فيه، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

وُجد في النسخة الأصلية ما صورته :

فرغ من نسخه ـ بعون الله ورحمته - العبد الفقير إلى عفور ربه :

أحمدُ بنُ محمد بن سالم بن جناب المنيجي بـ «الرُّها المحروسة، يوم الثلاثاء حادي عشر المحرم سنة ثمان وعشرين وستمئة .

خَتَم الله له بخير ولوالديه ولجميع المسلمين .