- الرئيسية
- بلوغ المرام من أدلة الأحكام ( الفحل )








بلوغ المرام من أدلة الأحكام ( الفحل )
40.25 ر.س
للحافظ ابن حجر العسقلاني
حققه: د ماهر الفحل
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يُضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه وسفيره بينه وبين ،عباده المبعوث بالدين القويم والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين وحجةً على الخلائق أجمعين ) يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَانِهِ، وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) [آل عمران: ١٠٢].
يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رجالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) [النساء: ١].
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١] . )
أما بعد:
فإني أحمد الله أولا وآخرًا وظاهرا وباطنا أن مكنني من تحقيق هذا الكتاب المختصر بلوغ المرام من أدلة الأحكام الذي مرّت علي سنون في تحقيقه ؛ إذْ عاودت العمل فيه مرةً بعد مَرّة في مُددٍ متباعدة، حتى استكمل عندي نصاب المخطوطات ولما تجمعت لدي بنعمة الله الهمة للتعليق على أحاديثه والحكم عليها صحةً وضعفًا دراسة الكتاب دراسة وافيةً، شرعت مع بالعمل وراجعته مرارًا تجنبًا للخطأ . وقد جعلتُ تحقيق الكتاب وقفا الله
يحق لكل مسلم طبعه شريطة التقيّد بالنص، وقد وقفت الكتاب على روح أمي يرحمها الله تعالى فأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتها، يوم تقل الحسنات وتكثر الزفرات يوم الحسرات.
وكتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام من الكتب التي تهم الطالب المبتدئ والعالم المنتهي؛ إذ إنَّ أحاديث الكتاب أحاديث الفقه؛ والفقه مهم، فهو ثمرة العلوم الشرعية وما عُبد الله بمثل الفقه كما قال الزهري، والفقه كما قال الراغب الأصبهاني: «ما من واقعة من الكون في أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه ؛ لأنَّ به انتظامَ صلاح الدنيا والدين .
ثمَّ إن الكتاب من كتب المتون المختصرة، وهو ليس بالطويل الممل ولا القصير المخلّ، ومع لطافة الحجم وأهمية الموضوع انماز أنَّه مما يُحفظ، وما زال أهل العلم الربانيون يحثون طلابهم على الحفظ، فهذا العلامة الكبير الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله يقول : لا بد لطالب العلم من مخزون حفظي». وهذا الكتاب قد حفظه عدد كبير من الطلبة وأهل العلم منذ تأليفه وحتى يوم الناس هذا، وقد اعتنى به أهلُ العلم تدريسا وشرحًا؛ فكثرت عناية أهل العلم به في القديم والحديث، وصارت بعض شروحه مَدرس الناس، والحمد لله رب العالمين.
الحافظ ابن حجر جمع والمؤلف رمز على المؤلّف؛ إذ قد ظهرت في هذا الكتاب شخصية كما ظهرت في بقية كتبه، علمًا أنَّه اعتمد على من سبقه في الأحاديث؛ إذ قد ألف عدد من العلماء في أحاديث الأحكام، كما إن الحافظ انتفع كثيرًا في اختياره الأحاديث من كتاب الإلمام» لابن دقيق العيد، ومن كتاب «المحرر لابن عبد الهادي، والحافظ ابن حجر قد أحال في كتابه هذا إلى بعض كتبه كما أحال إلى كتابه النفيس فتح الباري بشرح صحيح البخاري، وفي ذلك إشارة إلى أنَّه انتفع مما قدمه من ثروة علمية إلى أمة محمد .
ثم لا يخفى على الباحثين الجادين وكثير من الناس ما للحافظ ابن حجر من مكانة علمية، فقد كان على قدر كبير من وفور العقل والاشتغال بما ينفعه
مع الحرص الشديد على الوقت والحفاظ على أنفاس العمر بالعمل النافع، وقد دلّ على ذلك ما قدم للناس من عطاء علمي وافر، بحيث كانت كتبه لا يستغني عنها باحث.
والحافظ ابن حجر قد حباه الله بشخصية فذة جمعت الجد والتقى وحسن السيرة، وقد كان مثالاً للشخصية العلمية النادرة، ومن الأدلة على ذلك كتبه التي انتشرت بين أيدي الناس على جميع المعمورة، فكانت كتبه تسير في زمانه مسير الشمس كل ذلك كان سببًا للعمل في هذا الكتاب نصحا للأمة واحتراما لتراثها ودفعًا لغوائل التشويه عما قدمه أفذاذها بانين بذلك عزها ومجدها، ولم يكن جهدي منصبًا على تحقيق النص فقد جهدت في الحكم على الأحاديث والتعليق على ما يستحق التعليق من غير اختصار ولا تطويل. وقد قدمتُ للكتاب بدراسة متوسطة دالة على سيرة الحافظ ابن حجر، ثم الكلام على منهجه في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام»، ثم النسخ الخطية مع بيان ما لها وما عليها، ثم بيان منهجي الذي سرت عليه في تحقيق الكتاب، ولم أعمل للكتاب فهارس كاشفة ؛ لأنَّ الكتاب متن مختصر للحفظ .
وبعد: فهذا كتاب بلوغ المرام من أدلة الأحكام» للحافظ ابن حجر
العسقلاني أقدمه لمحبي المصطفى الله السائرين على هديه الرَّاجين شفاعته يوم القيامة. وقد خدمته الخدمة التي توازي تعلقي بسُنَّة سيدنا النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وبذلتُ فيه ما وسعني من جهد ومال ووقت ولم أبخل عليه بشيء من الوقت، وكان الوقت الذي قضيته فيه كله ،مباركًا، وأوصي إخواني حفاظ الوحيين بالاهتمام غاية الاهتمام بحفظ القرآن الكريم والعناية به، فهو مفتاح العلم.
قال الضياء المقدسي عن أحد شيوخه : وأوصاني وقت سفري، فَقَالَ: أكثر من قراءة الْقُرْآن، ولا تتركه فَإِنَّهُ يتيسر لك الَّذِي تطلبه عَلَى قدر ما تقرأ، قَالَ : فرأيت ذَلِكَ وجربته كثيرًا ، فكنتُ إِذَا قرأتُ كثيرا تيسر لي من سماع الْحَدِيث وكتابته الكثير، وإذا لَمْ أقرأ لَمْ يتيسر لي»، وكلما تقدم الإنسان بالقرآن تقدم بالعلم .
وفي الختام أشكر أخوي الوفيَّين: الشيخ أحمد طارق عبد الحميد القيسي، والشيخ محمد سعد سعود الطائي، فقد كان لهما اليد الطولى في تصحيح تجارب الطباعة ومراجعة الكتاب ؛ فأسأل الله أن يجعلهما من الوارثين الذين يرثون الفردوس، ولا أنسى بالشكر والدعاء إخواني من أبي وأمي : طه أبا أسامة، وثامرًا أبا عمر وسالمًا أبا عبد الله الذين كانوا لي عونا في حلي وترحالي وفي مسيرتي في طلب العلم ونشره فأسأل الله أن يبارك في أنفاس عمرهم وأن يُبقي عملهم الصالح فوق الأرض مباركًا نافعا . وأكرر حمدي وشكري لربي الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة تتجدد .
وكتب
د. ماهر ياسين الفحل شيخ دار الحديث في العراق أستاذ الحديث والفقه المقارن
كلية العلوم الإسلامية - جامعة الأنبار ١ / محرم / ١٤٣٥ من هجرة حبيب الله صلى الله عليه وسلم
مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة