- الرئيسية
- الرحيق المختوم بحث في السيرة النبوية




الرحيق المختوم بحث في السيرة النبوية
42 ر.س
صفي الرحمن المباركفوري
مجلد * 520 صفحة ورق شموا
مقدمة الناشر
بسم الله الرحمن الحيم
مقدمة الناشر
ستظل سيرة الرسول الله هي الرصيد التاريخي الأول الذى تستمد منه الأجيال المتلاحقة من ورثة النبوة وحملة مشاعل العقيدة زاد مسيرها، وعناصر بقائها، وأصول امتدادها.
ومن درس تاريخه الله وأعطاه حقه من النظر والفكر والتحقيق رأى، نَسَقا من التاريخ العجيب، استعلى به الرسول الله والفئة المؤمنة معه على عناصر المادة وعوامل الجذب الأرضى وارتقوا بالإنسانية إلى درجات لم تشهدها على امتداد عصورها وأزمانها. ومن يُعمق النظر في سيرته ، محاولا أن يتتبع السر الذي وقع في التاريخ القفر المجدب فأخصب به، وأنبتت الدنيا أزهاره الإنسانية الجميلة، فأنشأ صلى الله عليه وسلم رجالا، إن عبتهم بشيء لم تعبهم إلا أنهم دون الملائكة، يجدها تقول له: إن هاهنا دنيا الصحراء، التي تربي في أحضانها الرجال الذين دخلوا بالإسلام على ما دخل عليه الليل. ولو تأملت في أفعاله وجدتها تقول لك: إني أصنع أمة لها تاريخ الأرض من بعد.
ولم يكن لا اله الا الله في الصبر على البلاء والثبات على الحق واستقرار النفس واطمئنانها على زلازل الدنيا، ولا فى الرحمة ورقة القلب والسمو فوق معانى البقاء الأرضي، فهو قد خلق كذلك ليغلب الحوادث ويتسلط على المادة.
وبذلك كان منبع تاريخ في الإنسانية كلها دائما، وللدنيا رأسَ نظام أفكارها الصحيحة.
ولقد طبع الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فباعد بينه وبين زيغ الهوى وسَرَف الطبيعة؛ ولذلك يجب على من يقرأ سيرته ويتعرف على شمائله وحديثه أن يبحث دائما عن طابع الله في كل شيء فيها، وسيظهر له من تفسيرها أن الدنيا لم تستطع أن تحقق غايتها الأخلاقية العليا إلا فيها ، وأنه لو كان إنسانا ، وكان أيضًا حركة في تقدم الإنسانية، وأن من معجزات الله أنه أضاف في تاريخه ما عجزت عنه البشرية في تاريخها، وأن كل أموره صلى الله عليه وسلم موضوعة وضعًا إلهيًا كأنها صفات كَوَّنها الله وعَلَّقها في التاريخ لمعاني الحياة تعليق الشمس في السماء لمواد الحياة.
ولو تأملت بيانه ، تجده ينقلك إلى مثل الحالة التي تتأمل فيها روضة تتنفس على القلب، أو منظرًا يهز خياله النفس، أو عاطفة تزيد بها الحياة فى الدم، على هدوء وروح وإحساس ولذة، ثم يزيد على ذلك أنه يصلح من الجهات الإنسانية في نفسك، ثم يرزق الله منه من رزق النور، فإذا أنت فى ذوق البيان كأنما ترى المتكلم وراء كلامه. هكذا يكون النظر في كلامه ، فهو كلام كلما زدته فكرًا زادك معنى، وتفسيره قريب.. قريب كالروح في جسمها البشرى، ولكنه بعيد كالروح في سرها الإلهي، فهو معك على قدر ما أنت معه إن وقفت على حَدٌ وَقَفَ ، وإن مددتَ مَدَّ، وما أديت به تأدى، وليس فيه شيء من كل ما تراه لكل بلغاء الدنيا، من صناعة عَبَث القول، والرغبة في تكثير سواد المعاني، وترك اللسان يطيش طيبة اللغوى يتعلق بكل ما عرض ا له، إنما هو كلام قيل لتصير به المعاني إلى حقائقها، فهو من لسان وراءه فكر، وراءه قلب وراءه إيمان، وراءه الله جل جلاله، وهو كلام في مجموعه كأنه دنيا أصدرها صلى الله عليه وسلم عن نفسه العظيمة، لا تبرح ماضية في طريقها السوى على دين الفطرة، فلا تتسع لخلاف ولا يقع بها التنافر.
من هنا تبرز الأهمية القصوى فى أن تكون سيرة الرسول الله وأقواله عاملة في النفس المؤمنة عمل القلب من الجسد، ورقيبة عليها رقابة الضمير على العقل، حتى يكون الارتقاء والسمو والعلو والارتفاع بالأجسام فوق جواذب المادة وقيود الأرض. ولن تستطيع النفس أن تحقق هذه المقومات وبها بقايا من رواسب المادة أو جواذب الأرض، ولن تستطيع النفس أن ترفرف وتُحلّق إلا إذا أدركت غاية وجودها من خلال رصيدها التاريخى الطويل، الذى لم تظفر به أمة من الأمم كما ظفرت أمة الإسلام، «إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة». عبارات تفيض إيمانا وتَشعُ ضياءً، خرجت من نفس تربت على يد القائد و المعلم الأول ، فأدركت غاية وجودها فعملت على تحقيقها.. وهكذا يجب أن يكون كل من أراد أن يشارك الكتائب في سيرها في الطريق الطويل. وللأهمية التي تحتلها سيرة الرسول الا الله في حياة المسلمين على امتداد التاريخ وفى حياتهم الحاضرة؛ فقد وُضعَتْ كتب كثيرة اختلفت نظراتها للسيرة ومناهجها في تناولها، ولكن كانت هناك بعض الكتب في هذا المجال امتازت بشمولها وكمالها ودقة منهجها، بما يعين القارئ على أن يتناول مسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في يسر يعينه على فهمها فهماً شاملاً كاملا، واستيعابها دون ما نقص أو خلل.
مقدمة الناشر وكان هذا الكتاب الرحيق المختوم للأستاذ صفى الرحمن المباركفوري- من الجامعة السلفية بالهند- من الكتب المتفردة في السّرد التاريخي، والذي امتاز بمنهجه الواضح وشموليته الجامعة في عرض السيرة العطرة عرضًا عميقًا يسيرًا، خاليا من الشوائب أو الأباطيل التي ألحقت ببعض كتب السيرة.
ويمتاز هذا الكتاب أيضًا في كونه مُعِينًا لكل قارئ أو باحث في السيرة أن يجد بغيته وقد فاز هذا الكتاب بالجائزة الأولى لمسابقة السيرة النبوية التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي.
ونَوَدّ أنه نُنَوِّه إلى أن هذه الطبعة المنقحة التي نقوم بنشرها وتقديمها إلى القارئ الكريم، والتي تشتمل على التعديلات والإضافات الجديدة لفضيلة الشيخ صفي الرحمن المباركفوري - حفظه الله - . ها الطبعة الشرعية الوحيدة، كما أشار إليه المؤلف، وكما يتضح عند مقارنتها بالطبعات السابقة.
ونحن إذ نقدم هذه الطبعة المنقحة والمزيدة، نحمد الله على ما من علينا بتوفيقه، كما نتقدم بالشكر الجزيل إلى فضيلة الشيخ صفى الرحمن المباركفورى على تفضله بالسماح لنا بخدمة هذا الكتاب، سائلين الله أن نكون عند حسن ظنه بنا ، وأن ينفع به، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين.
الناشر دار ابن الجوزي
<p>مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة</p>