- الرئيسية
- القواعد الفقهية غلاف

القواعد الفقهية غلاف
9.2 ر.س
للامام ابن سعدى
الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية والضوابط
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
بين أيدينا رسالة نافعة للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وست وسبعين من الهجرة النبوية، والشيخ رحمه الله تعالى له مؤلفات كثيرة بسط فيها العلم، وقربه لطلبته مع تحقيق قوي، فجمع بين بسط العلم وتقريبه والتحقيق فيه، فلذا ينبغي لطالب العلم أن يعتني بمؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
وبين أيدينا هذه المنظومة للشيخ رحمه الله تعالى التي جمع فيها ما تيسر من القواعد الفقهية، فذكر قواعد فقهية كثيرة نافعة ينبغي لطالب العلم أن يحسن فهمها، حتى يفهم علم الفقه الذي ينبني على فهم هذه القواعد.
ونحتاج إلى أن نفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية والقواعد المذهبية والضوابط، وعندما نقول: هذه قاعدة فقهية أو نقول هذا ضابط أو نقول هذه قاعدة أصولية، أو نقول: هذه قاعدة في مذهب أحمد، أو قاعدة في مذهب الشافعي، أو قاعدة في مذهب مالك، أو في مذهب أبي حنيفة، فنحتاج إلى أن نفرق بين هذه القواعد.
والقاعدة في اللغة هي الأساس الذي يبنى عليه الشيء، فقاعدة البيت أي: أساسه من إسمنت وحديد يوضع في جوف الأرض.
والقاعدة الفقهية هي التي تقصد في هذه الدروس، وعندنا قاعدة أصولية، وعندنا ضابط، وعندنا قاعدة مذهبية.
١ / ٢
التعريف بالقاعدة الأصولية
أما القاعدة الأصولية، وهي التي يتكلم عنها علماء أصول الفقه؛ فهي القاعدة التي تؤخذ من الأدلة الإجمالية أو من دلالات الألفاظ.
كقولهم: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، هذه تسمى قاعدة أصولية، هذه القواعد تذكر في كتب أصول الفقه.
فقواعد الأمر للوجوب أخذت من قول الله جل وعلا في كتابه الكريم: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور:٦٣] قال ذلك في الذين يتركون أمره
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب:٣٦] هذه كذلك آية أخرى في أن الأمر للوجوب.
وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، فهذا دليل أيضًا يدل على أن الأمر للوجوب.
هذا كما تقدم ليس بحثنا في هذه الدروس، هذا محل البحث فيه في كتب أصول الفقه.
١ / ٣
التعريف بالقاعدة الفقهية والضابط
أما القاعدة الفقهية: فهي حكم شرعي كلي تندرج تحته مسائل كثيرة في أبواب متفرقة، كقولهم: الأمور بمقاصدها أو الأعمال بالنيات، فتجد مسألة في الطهارة تندرج في هذه القاعدة، فيشترط للوضوء النية، وتجد مسألة كذلك في الزكاة، وتجد مسألة في الصلاة.
إذًا مسائل كثيرة شتى في أبواب متفرقة، وتلاحظ أن هذه القاعدة هي حكم شرعي، بخلاف القاعدة الأصولية فإن الحكم الشرعي يؤخذ منها.
أما القاعدة الفقهية فهي حكم شرعي اندرجت تحته مسائل كثيرة في أبواب متفرقة.
وقولنا: (في أبواب متفرقة) هذا احتراز من الضابط، فالضابط في باب واحد.
وعلى ذلك فالضابط حكم شرعي كلي تندرج تحته مسائل في باب واحد.
فعندما نقول: إن أحكام سجود التلاوة كأحكام سجود الصلاة من جهة أنه يشترط لها الطهارة وستر العورة واستقبال القبلة وأن يقال فيها ما يقال في سجود الصلاة، هذا يسمى بالضابط؛ لأنه تدخل فيه مسائل في باب واحد، وهو باب سجود التلاوة.
فالضابط حكم شرعي كلي، تندرج تحته مسائل عدة لكن في باب واحد، فهذا يسمى بالضابط، إذًا ليس لنا أن نسمي الحكم الشرعي الكلي الذي تدخل فيه مسائل في أكثر من باب أن نسميه بالضابط، لأن الضابط يكون في باب واحد.
وأما القاعدة المذهبية: فهي قاعدة تعنى بجمع مسائل شتى في أبواب الفقه لكنها مرتبطة بمذهب معين، فتقول: هذه قاعدة في مذهب الإمام أحمد، كما في القواعد لـ ابن رجب، أو في الأشباه والنظائر للسيوطي في مذهب الإمام الشافعي، فهذه قواعد وضوابط تعنى بجمع المسائل بغض النظر عن الراجح، وترتبط بمذهب معين فتسمى بالقواعد المذهبية.
إذًا تحرر لنا موضوع درسنا، وأنه في القواعد الفقهية، وأن القواعد الفقهية هي أحكام شرعية كلية تندرج تحتها مسائل عدة في أبواب متفرقة.
١ / ٤
القواعد الفقهية الكلية
وعندنا خمس قواعد كلية تندرج تحتها مسائل كثيرة جدًا، تسمى بالقواعد الكلية الكبرى.
القاعدة الأولى: قاعدة الأمور بمقاصدها، أو: الأعمال بالنيات.
هذه القاعدة الكلية الكبرى مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
القاعدة الثانية: اليقين لا يزول بالشك.
القاعدة الثالثة: لا ضرر ولا ضرار.
القاعدة الرابعة: المشقة تجلب التيسير.
القاعدة الخامسة: العادة محكمة.
هذه تسمى بالقواعد الكلية الكبرى، وتندرج فيها مسائل كثيرة جدًا.
١ / ٥
مأخذ القواعد الفقهية
والقواعد الفقهية قد تؤخذ من النص، كقاعدة الأمور بمقاصدها، فإنها تؤخذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه.
إذًا: القاعدة الفقهية قد تؤخذ من النص، وقد تؤخذ من الإجماع كقاعدة: لا اجتهاد مع النص.
الثالثة: أن تؤخذ بالاستنباط، كقاعدة: المشقة تجلب التيسير.
إذًا: هذه القواعد الفقهية قد تؤخذ من النص، وقد تؤخذ من الإجماع، وقد تؤخذ بطريقة الاستنباط.
١ / ٦
مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة