- الرئيسية
- تيسير الكريم الرحمن، تفسير السعدي وبحاشيته أسباب النزول وغريب القران "جوامعي "









تيسير الكريم الرحمن، تفسير السعدي وبحاشيته أسباب النزول وغريب القران "جوامعي "
138 ر.س
تاليف الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
مقدمة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العقيل
مقدمة الشيخ ابن عثيمين
عناية سعد بن فواز الصميل
تفسير السعدي وبحاشيته أسباب النزول وغريب القران "جوامعي "
مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد :
«فإن أحق ما صرفت إلى علمه العناية، وبلغت في معرفته الغاية، ما كان الله في العلم به رضى، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وأن أجمع ذلك لباغيه كتاب الله الذي لا ريب فيه وتنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر وسنى الأجر تاليه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلاً من حكيم حميد ) . أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين قال : وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ لا عَلَى قلبكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَب مُّبِينِ [الشعراء: ١٩٦٢ - ١٧٩ء فبلغ صلوات الله وسلامه عليه للناس البلاغ المبين فلم يتوفَّه الله إلا بعد أن بلغَ وبيَّنَ ما أُنزل إليه في هذا الكتاب كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل : ٤٤] . وقال: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَبَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل : ٦٤] . في تفسير هذه الآية (۳) : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أنزلنا عليك كتابنا، وبعثناك رسولاً إلى خلقنا إلا لتبين لهم ما اختلفوا فيه من دين وقد ثبت ما يدل على أن الصحابة و قد تلقوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسير القرآن، فقد كان الرجل منهم إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن قال أبو عبد الرحمن السلمي - وهو من كبار التابعين - : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً»(4). وكان الصحابة إذا أشكل عليهم شيءٌ سألوا النبي الله ؛ فإنه لما نزل قول الله : الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَنَهُم بِظُلْمٍ ؛ قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أينا لا يظلم نفسه ؟ قال : ليس كما تقولون؛ لم يلبسوا إيمانهم بظلم: (بشرك ) »
ثم قام بالبيان والتفسير بعده أحسن الناس بياناً وأصدقهم إيماناً وأعمقهم علماً (الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا الذين وهبهم الله من العلم والحكمة ما برزوا به على سائر أتباع الأنبياء)).
أولئك أصحابه ، اختارهم الله من بين العالمين لصحبة نبيه الثلاثة وعشرين عاما، فكان القرآن ينزل عليهم بلغتهم التي نشؤوا عليها فيعونه ويعملون به.
وعبد الله بن الزبير رضي الله فكان من أشهرهم تفسيراً : الخلفاء الراشدون وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، عنهم أجمعين .
وكان من أكثرهم رواية في التفسير : عبد الله بن مسعود الله الذي يقول عن نفسه: «والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين أنزلت ولا أنزلت آيةٌ من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه ) .
وعبد الله بن عباس الله ترجمان القرآن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل (٢).
وقال عنه ابن مسعود : نعم ترجمان القرآن ابن عباس (۳).
ثم صار التفسير بعد الصحابة إلى التابعين وخاصة أصحاب عبد الله بن عباس في مكة؛ كمجاهد وسعيد بن جبير وأمثالهم. قال مجاهد : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها » (٤) . ولهذا قال الثوري : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به (٥) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية الله: «ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم. وكذلك الإمام أحمد وغيره ممن صنّف في التفسير يكرِّرُ الطرقَ عن مجاهد أكثر من غيره (٦) . وكذلك أيضاً أصحاب عبد الله بن مسعود ؛ كعلقمة ومسروق وأمثالهم . قال ابن مسعود : «ما أقرأ شيئاً ولا أعلمه إلا علقمة يقرؤه أو يعلمه» (۷) .
وللحافظ ابن حجر ر الله فصل جامع لا يستغني عنه الناظر في كتب التفاسير لمعرفة أشهر الأسانيد المروية التابعين ومن بعدهم؛ بين فيه حال من نقل التفسير من التابعين ومن بعدهم. والمقصود أن نعلم أن الصحابة والتابعين قد فسّروا القرآن وبينوا ألفاظه ومعانيه وعلينا الرجوع إلى أقوالهم إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السُّنة. وأما الخلاف الواقع بينهم فهو قليل وغالب ما يصح عنهم في الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد ذكر ذلك وبينه شيخ الإسلام ابن تيمية الله في مقدمة التفسير . ثم اهتم العلماء بالتصنيف لجمع تفاسير الصحابة والتابعين مسندة إليهم كابن جرير الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد قال ابن حجر : فهذه التفاسير الأربعة قلّ أن يشذَّ عنها شيء في التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين (۹) . .
ثم تتابع العلماء بعد ذلك بالتأليف في التفسير على تفاوت بينهم في مذاهبهم ومعتقداتهم واهتماماتهم العلمية.
وكان ممن صنف في ذلك أبو محمد بن الحسين البغوي المتوفى سنة (٥١٦ ) ، وأبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي
المتوفى سنة (٥٩٦) ، وأبو عبد الله محمد بن عمر الرازي المتوفى سنة (٦٠٦)، وأبو عبد الله القرطبي المتوفى سنة (٦٧١) ، وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن حيان النحوي الأندلسي المتوفى سنة (٧٤٥) والحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير المتوفى سنة (٧٧٤) ، وعبد الرحمن الثعالبي المتوفى سنة (٨٧٦)، وجلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة (۹۱۱) ، ومحمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة (١٢٥٠)، و محمود شهاب الدين الألوسي المتوفى سنة (۱۲۷۰) ، ومحمد جمال الدين القاسمي المتوفى سنة (۱۳۳۲)، ومحمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي المتوفى سنة (۱۳۹۳) . وغيرهم من علماء المسلمين الذين صنفوا في التفسير .
قال ابن جریر رحمه الله :
فأحق المفسرين بإصابة الحق في تأويل القرآن ... أوضحهم حجة فيما تأوّل وفسّر، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله الثابتة عنه : إما من جهة النقل المستفيض . العدول الأثبات ... أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته ؛ وأصحهم برهاناً ـ فيما ترجم وبين من ذلك مدركاً علمه من جهة اللسان: إمّا بالشواهد من أشعارهم السائرة، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة، كان ذلك المتأوّل والمفسّر، بعد أن لا يكون خارجاً تأويله وتفسيره ما تأوّل وفسّر من ذلك عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة والخلف من التابعين وعلماء الأمة» (۱) . وكان من المؤلفات التي أثنى عليها العلماء في هذا العصر ونال شهرة واسعة ووضع الله له القبول بين الناس كائناً من تفسير الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحم الله المتوفى سنة (١٣٧٦) وذلك لما تميز به من أمور :
أولاً : حِرْصُ المؤلف الله على أن يكون تفسيره مقتصراً على المعنى الإجمالي؛ حيث إن كثيراً من المفسرين إما أنهم استطردوا وأطالوا في تفسير كتاب الله، أو اقتصروا على جوانب لغوية أو فقهية، فأراد الله أن يجعل المعنى هو المقصود واللفظ وسيلة له؛ ليتعرّف الناس على معنى كلام الله فيهتدون بعلومه، ويتخلقون بأخلاقه وآدابه بأقرب الطرق .
ثانياً: اختيارات الشيخ الله التي تنم عن ذكاء عقله وصفاء قلبه وسيلان ذهنه لأقوال السلف من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة الواردة في التفسير، فكأنه الله جمع الأقوال الواردة في تفسير الآية ثم صاغها بعبارته المعروفة .
ثالثاً : تميز تفسيره الله بألفاظه السهلة، وعباراته الواضحة، فلا تكلُّف فيه ولا تعقيد، ولا إسهاب ولا إطناب، على وجه يحصل به الفهم لأهل العلم ومن هم دونهم.
رابعاً : حسن التأليف وربط الكلام بعضه برقاب بعض دون عناء في سبك العبارة وهذه سمة بارزة في تفسيره رحمة الله .
خامساً :
:أ اشتمل الكتاب على جملة من الفوائد العلمية والتربوية المستنبطة من كتاب الله أشار إليها المؤلف في ثنايا تفسيره وهي فوائد متنوعة في التوحيد والفقه والسيرة والمواعظ والأخلاق وغير ذلك من الفوائد.
سادساً :
- وهو أهمها
١ - سلامة الكتاب من التأويلات الفاسدة والأهواء والبدع والإسرائيليات، فالمؤلف رحمه الله آخذ بنصوص الكتاب والسنة ومتبع الآثار الواردة عن
السلف الصالح .
عملي في الكتاب :
۱ - اعتنيت بضبط نص الكتاب ، وجهدت في إخراجه سالماً من السقط والتحريف والتصحيف الذي وقع في الطبعات السابقة، وذلك بالاعتماد على النسخة «أ»، وما كان ساقطاً منها أثناء النسخ فقد استدركته من النسخة (ب) وجعلته بين معقوفتين هكذا [...].
كما أثبت أهم الفروق بين النسخ في الهامش رغبة في الاختصار، ومن أراد الاستزادة فيمكنه الرجوع إلى الطبعة الأولى من الكتاب والتي تقع في أربع مجلدات .
2 - قمت بتصويب بعض الآيات التي استشهد بها المؤلف أثناء تفسيره دون أن أنبه إلى ذلك، ما عدا الآيات التي فسرها المؤلف فإني أنبه إلى ذلك في الحاشية.
3 - فات على المؤلف الله تفسير بعض الآيات، وقد أشرت إلى ذلك في الحاشية.
4 - عزوت الأحاديث الواردة في التفسير .
وأخيراً : الله أسأل أن أكون قد وفقت في إخراج الكتاب بما أحسبه على الصورة التي أرادها مؤلفه رحمه الله.
فما كان من صواب فبتوفيق من الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان وأستغفر الله منه، وجزى الله خيراً كل من أفادني بملحوظاته واستدراكاته ؛ لأقوم بتصويبها في طبعات قادمة إن شاء الله .
كما أسأله تعالى أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه، وأن يكتب لي الأجر والثواب، إنه سميع مجيب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سعد بن فواز الصميل
الخبر: ٣١٩٥٢
مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة