- الرئيسية
- فقه الأدعية والأذكار






فقه الأدعية والأذكار
57.5 ر.س
الحق عليه باقي 9 فقط - اطلبه الآن
بقلم عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ[آل عمران : ١٠٢] .
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النِّسَاء : 1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)[الأحزاب: ٧٠، ٧١] .
أمَّا بعد :
فلا ريب ما أمضيت فيه الأوقات وصرفت أنَّ ذكر الله ودعاءه هو خير فيه الأنفاس، وأفضل ما تقرّب به العبد إلى ربه ، وهو مفتاح لكل خير يناله العبد
في الدنيا والآخرة.
فمتى أعطى (الله) العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أن أضله بقى باب الخير مُرْتَجاً دونه» (١) ، فيبقى مضطرب القلب، مُشَوَّس الفؤاد، مُشَتَّتَ الفكر، كثير القلَقِ، ضعيف الهِمَّةِ والإرادة، أما إذا كان محافظاً على ذكر الله ودعائه وكثرة اللجأ إليه فإنَّ قلبه يكون مطمئناً بذكره لربه ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَينُ الْقُلُوبُ ) [الرعد: ۲۸]، وينال من الفوائد والفضائل والثمار الكريمة اليانعة في الدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلَّا الله تعالى.
فذكر إله العرش سِرّاً ومعلناً يُزِيلُ الشَّقَا والهَمَّ عنك ويَطرُدُ
ويجلب للخيراتِ دنيا وآجلاً وإنْ يأتِك الوسواس يوماً يُشَرَّدُ
فقد أخبر المختارُ يوماً لصحيه بأنَّ كثيرَ الذَّكرِ في السَّبق مُفرِدُ
ووَصَّى معاذاً يستعين إلهه على ذكره والشكر بالحسن يعبد
وأوصى لشخص قد أتى لنصيحة وقد كان في حمل الشرائِعِ يَجْهَدُ
بأن لا يزال رطباً لسانك هذه تعين على كل الأمور وتُسعِدُ
وأخبَرَ أنَّ الذِّكرَ فَرسُ لأهلِه بجنَّاتِ عدن والـمـسـاكـنُ تُمْهَدُ
وأخبر أنَّ الله يذكرُ عبدَهُ ومَعْهُ على كل الأمورِ يُسَــــــــــــــــــــدِّدُ
وأخبر أنَّ الذِّكرَ يبقى بجنّة وينقطعُ التَّكليف حين يُخلَّدُوا
ولو لم يكن في ذكره غير أنه طريقٌ إلى حب الاله ومُرشِدُ
ويَنهَى الفتى عن غيبةٍ ونَميمةٍ وعن كلّ قول للدِّيانَةِ مُفسِدُ
لكان لنَا حَظِّ عظيمٌ ورغبة بكثرة ذكر اللَّه نِعمَ المُوَجَّدُ ولكنَّنَا
من جَهلِنا قلَّ ذِكرُنا كما قلَّ مِنَّا للإله التَّعبُدُ) ولهذا فإنَّ الأذكار الشرعية والأدعية النبوية لها منزلةٌ عالية في الدين، ومكانة خاصةً في نفوس المسلمين، وكُتُبُ الأذكار على تنوُّعها تلقى في أوساطهم اهتماماً بالغاً وعناية فائقة، ولا يمكن إحصاءُ ما كتبه أهلُ العلم قديماً وحديثاً في الذكر والدعاء لكثرة ما ألف في ذلك؛ فمنهم الراوي الأخبار بالأسانيد لها، ومنهم المطوّل المسهب، ومنهم المختصر والمتوسط والمهذب، مع تفاوت بينهم في جمع النصوص، وعرض الأدلة وطرق تبويبها وتصنيفها، والاهتمام بشرحها وتوضيحها، إلى غير ذلك .
ناهيك أنَّ أهل الأهواء لهم في هذا الباب مؤلّفات كثيرة مشتملة على الشطط والانحراف والبعد عن الحقِّ بسبب عدم تقيّد مؤلفيها بالسنة وإعراضهم عن الالتزام بالمأثور .
هذا وقد دلَّ الكتاب والسُّنَّةُ وآثار السلف على جنس المشروع والمستحب في ذكر الله ودعائه كسائر العبادات وبيَّن النبي الله لأمته ما ينبغي لهم أن يقولوه من ذكر ودعاء في الصباح والمساء وفي الصلوات وأعقابها وعند دخول المسجد، وعند النوم وعند الانتباه منه وعند الفزع فيه وعند تناول الطعام وبعده، وعند ركوب الدابَّة، وعند السفر، وعند رؤية ما يحبّه المرء، وعند رؤية ما يكره، وعند المصيبة، وعند الهم والحزن أو غير ذلك من أحوال المسلم وأوقاته المختلفة. كما بين صلوات الله وسلامه عليه مراتب الأذكار والأدعية وأنواعها وشروطها وآدابها أتمَّ البيان ،وأكمله وترك أمَّتَه في هذا الباب وفي جميع أبواب الدين على محجّة بيضاء، وطريق واضحة، لا يزيغ عنها بعده إلَّا هالك ، ولا ريب أنَّ الأذكار والدعوات من أفضل العبادات والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع ؛ فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحرّاه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان، ولا يحيط به إنسان وما سواها من الأذكار قد يكون محرَّماً ، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس وهي جملة يطول تفصيلها ) .
فالمشروع للمسلم هو أن يذكر الله بما شرع، وأن يدعو بالأدعية المأثورة، وقد نهى الله عن الاعتداء في الدعاء؛ فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسنَّ، كما أنَّه لنا ذلك في غيره من العبادات وأنْ لا نعدل عن ذلك إلى غيره، ومن أشد الناس عيباً من يتخذ حزباً ليس بمأثور عن النبي الله وإن كان حزباً لبعض المشايخ، ويَدَعُ الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده» (۲) ؛ فالخير كله في اتباعه والاهتداء بهديه وترسم خطاه، فهو القدوة والأسوة صلوات الله وسلامه عليه، وقد كان أكمل الناس ذكراً لله وأحسنهم قياماً بدعائه سبحانه .
ولهذا فإنَّه إذا اجتمع للعبد في هذا الباب لزوم الأذكار النبوية والأدعية المأثورة مع فهم معانيها ومدلولاتها وحضورِ قلب عند الذكر فقد كمل نصيبه من الخير .
قال ابن القيم الله : وأفضل الذكر وأنفعه ما واطأ القلبُ اللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذَّاكر معانيه ومقاصده (۳) .
مقدمة
ولَمّا كان الأمر بهذه المنزلة وعلى هذا القدر من الأهمية نشأت عندي رغبة في أنْ أعدَّ وأقدم - مع الاعتراف بالعجز وعدم الأهلية - دراسة في الأذكار والأدعة النبوية في بيان فقهها وما اشتملت عليه من معان ،عظيمة ومدلولات كبيرة، ودروس جليلة، وعبرة مؤثرة، وحكم بالغة، واجتهدتُ في جمع كلام أهل العلم في ذلك، فاجتمع عندي من ذلك بحمد الله فوائد كثيرة ولطائف عديدة وتنبيهات دقيقة من كلام أهل العلم المحققين، ولا سيما الإمامين الجليلين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله ، ثمَّ نظمتُ ما اجتمع عندي من ذلك وألفتُ بينه، وجعلته بعنوان: «فقه الأدعية والأذكار»
وقد أُذيع جزء كبير منه في حلقات عبر الإذاعة المباركة، إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية - حرسها الله - ولا يزال مستمراً عرضه حتى الآن، وقد رغب غير واحد من مشايخي وإخواني أن أقوم بنشره مطبوعاً ليتنوّع مجال نفعه، ولتكثر فائدته، فأجريت عليه تعديلات يسيرة في أسلوبه ليكون مناسباً للنشر، وجعلتُ لكل حلقة عنواناً خاصاً يدلُّ على مضمونها، ويُرشد إلى موضوعها، وسوف يصدر ـ بإذن الله ـ في مجموعات متناسبة الحجم والموضوع ، وهذا هو القسم الأول منه، وإني لأرجو الله الكريم أن يتقبل مني هذا العمل وسائر أعمالي، وأن يُبارك فيه، وأن يجعله نافعاً لعباده المسلمين، فهو سبحانه سميع الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا نعم الوكيل . ولا يفوتني في هذا المقام أن أتقدّم بالشكر الجزيل لسماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الله، الذي تفضَّل مشكوراً بقراءة هذا الكتاب والتعليق عليه (١) ، والتقديم له على كثرة أعماله وأسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناته وأن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء، إنه سميع مجيب .
وكتب
عبد الرزاق البدر
غفر الله له، وعفا عنه، ورحمه ووالديه وجميع المسلمين
<p>مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة</p>