- الرئيسية
- الجامع في الخصائص







الجامع في الخصائص
40.75 ر.س
تأليف موسي بن راشد العازمي
مجلد * 351 صفحة ورق شموا
جزء من المقدمة
الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيُّومُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ له حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنَا وَبِكَ آمَنَّا وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا ، وَبِكَ خَاصَمْنَا ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْنَا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَرْنَا ، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ، وَالنِّعْمَةِ الْمُسْدَاةِ، سَيْدِ الْأَوْلِيَاءِ، وَخِيرَةِ الْأَصْفِياءِ، مَا اتَّصَلَتْ عَيْنُ بِنَظَرِ، وَمَا تَأَلَّقَتْ أُذُنْ لِخَبَرٍ، وَمَا هَلَّ مَطَرُ وَانْحَدَرَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَةِ النُّجَبَاءِ، الْأَصْفِيَاءِ الْأَوْلِيَاءِ، الَّذِينَ رَفَعُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَارَ عَلَى مَنْهَجِهِ، وَاقْتَفَى أَثَرَهُ، وَجَلَسَ فِي مَجْلِسِهِ، وَاسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِهِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
يَقُولُ : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ [الجمعة: ٢] . فَبَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَتَرَكَهَا عَلَى ولد الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيعُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكُ. وَخَصَّهُ اللهُ تَعَالَى بِالْمَحَاسِنِ الْجَمِيلَةِ، وَالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَالْمَذَاهِبِ الْكَرِيمَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْعَدِيدَةِ، وَأَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، وَالْبَرَاهِينَ الْوَاضِحَةِ، وَالْكَرَامَاتِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَاهَدَهَا مَنْ عَاصَرَهُ، وَرَآهَا مَنْ أَدْرَكَهُ، وَعَلِمَهَا عِلْمَ يَقِينِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، حَتَّى انْتَهَى عِلْمُ حَقِيقَةِ ذَلِكَ إِلَيْنَا .
إِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ جَمِيلَ أَثَرِهِ ، وَحَمِيدَ سِيرَتِهِ، وَبَرَاعَةَ عِلْمِهِ، وَرَجَاحَةَ عَقْلِهِ، وَحِلْمَهُ، وَجُمْلَةَ كَمَالِهِ، وَجَمِيعَ خِصَالِهِ، وَصَوَابَ مَقَالِهِ، وَشَاهِدَ حَالِهِ، لَمْ يَمْتَرِ) فِي صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ، وَصِدْقِ دَعْوَتِهِ، وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ «مُسْنَدِهِ» وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ» وَابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَام رضي رضي الله عنه :قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي : الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ (۲) النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ : قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ ) . المان وَبَعْدُ، فَتُعْتَبَرُ كُتُبُ خَصَائِصِ النُّبُوَّةِ مِنْ مُلْحَقَاتِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَمُتَعَلَّقَاتِهَا ، وَقَدْ أَفْرَدَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالتَّصْنِيفِ كَالْإِمَامِ ابْنِ الْمُلَقِّنِ وَالسُّيُوطِيِّ وَغَيْرِهِمَا ،
وَمِمَّا تَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ أَنَّ مَوْضُوعَ خَصَائِصِ النُّبُوَّةِ جُزْءٌ مِنَ الشَّمَائِلِ، وَالدَّلَائِلِ، وَالْفَضَائِلِ، وَلِذَلِكَ دَمَجَهَا الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي مَوْضُوعِ وَاحِدٍ،
وَسَمَّاهُ: شَمَائِلُ الرَّسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَدَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ، وَفَضَائِلُهُ، وَخَصَائِصُهُ، كَمَا أَفْرَدَهَا فِي كِتَابٍ مُسْتَقِل عَنِ السِّيرَةِ، فَقَالَ اللهُ: وَهَذَا أَوَانُ إِيرَادِ مَا بَقِيَ عَلَيْنَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السِّيرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ كُتُبٍ:
الْأَوَّلُ : فِي السَّمَائِلِ.
الثَّانِي : فِي الدَّلَائِلِ.
الثَّالِثُ : فِي الْفَضَائِلِ .
الرَّابِعُ : فِي الْخَصَائِصِ )
وَقَدْ تَنَاوَلَتْ شَخْصِيَّةَ الرَّسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَقْلَامُ الْعُلَمَاءِ عَبْرَ الْعُصُورِ وَالْأَجْيَالِ، وَكَتَبُوا الْمُجَلَّدَاتِ وَالْأَسْفَارَ ، وَجَمَعُوا كُلَّ مَا طَابَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوهُ، مِمَّا لَهُ تَعَلُّق بِهَذِهِ الشَّخْصِيَّةِ الْفَذَّةِ الشَّامِخَةِ، فَلِهَذِهِ الْأَقْلَامِ فَضْلُ عَلَى اللَّاحِقِينَ، فَجَزَى اللَّهُ أَصْحَابَهَا خَيْرَ الْجَزَاءِ وَأَوْفَاهُ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِي يَأْسَفُ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ ذَوِي الْغَيْرَةِ وَالدِّينِ وَالْعِلْمِ، وَيُؤلِمُ نُفُوسَهُمْ، أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الَّذِينَ كَتَبُوا فِي شَمَائِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخَصَائِصِهِ، وَفَضَائِلِهِ، لَمْ يَتَحَرَّوْا فِي كِتَابَاتِهِمْ وَلَمْ يَشَاؤُوا أَنْ تَنْضَبِطَ كِتَابَاتُهُمْ بِالدِّقَةِ وَالْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ، وَأَقْفَرَتْ مُؤَلَّفَاتُهُمْ مِنَ التَّحْقِيقِ وَالْوَعْيِ بِخُطُورَةِ الْمَوْضُوعِ وَمُتَطَلَّبَاتِهِ، وَلِعَاطِفَةِ الْإِكْثَارِ وَشَرَةِ الْإِغْرَابِ وَالتَّوَسُّعِ، رَوَوُا الْأَكَاذِيبَ وَالْخُرَافَاتِ الزَّائِفَةَ ، وَأَوْدَعُوهَا كِتَابَاتِهِمْ، الْأَمْرُ الَّذِي يُنَزَّهُ عَنْهُ أَيُّ مَوْضُوعِ عِلْمِيُّ، وَأَيُّ كِتَابَةٍ وَاعِيَةِ، فَأَحْرَى مَوْضُوعُ الشَّخْصِيَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَمَا أَخْطَرَهُ مِنْ مَوْضُوعِ، وَمَا أَحْوَجَهُ إِلَى النَّقْلِ الصَّحِيحِ، وَالْبَحْثِ الْفَقِيهِ الْمُتَمَاسِكِ؛ فَالْأَحْدَاتُ التَّارِيخِيَّةُ لِأَيِّ عَصْرِ وَأَيِّ إِنْسَانٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَوْتُوقًا بِهَا، صَحِيحَةً يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا الْقَلْبُ، فَكَيْفَ بِسِيرَةِ الرَّسُولِ الْمُعَلِّمِ وَالْقَائِدِ الْمُلْهَمِ ، وَهِيَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ فِي طَرِيقَ الْإِيمَانِ، وَالصُّورَةُ الْحَيَّةُ الْعَمَلِيَّةُ التَّطبِيقِيَّةُ لِلْوَحْيِ، وَلِمُرَادِ اللهِ تَعَالَى مِنْ خَلْقِهِ)
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ، وَلَا يُعْدَلَ إِلَى غَيْرِهِ، أَنَّهُ لَا تَنْبُتُ خُصُوصِيَّةٌ إِلَّا بِدَلِيل صَحِيح
وَقَدْ تَتَبَّعْتُ مَا خَصَّ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ الله، وَالْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَأُمَّتَهُ الله مِنَ الْفَضَائِلِ وَالْكَرَامَاتِ، وَرَتَّبْتُهَا تَرْتِيبًا جَيْدًا، عَلَى النَّحْوِ التالي :
الْأَوَّلِ : خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
الثَّانِي : مُعْجِزَاتِ وَفَضَائِلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَنَظِيرِهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقِسْمُ وَضَعْتُهُ لِيَكُونَ تَمْهِيدًا وَتَوْطِئَةٌ بَيْنَ يَدَيْ
خَصَائِصِهِ ] .
الثَّالِثِ : خَصَائِصِ الرَّسُولِ .
الرَّابع: خَصَائِصِ أُمَّةِ النَّبِيِّ .
الخَامِسِ : خَصَائِصَ لَمْ تَثْبُتْ لِلنَّبِيِّ ، وَلِأُمَّتِهِ .
وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ عَمَلِي هَذَا خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَيَجْعَلَ لَهُ الْقَبُولَ إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرٌ ، وَبِالْإِجَابَةِ جَدِيرٌ ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
مكتبة دار ابن الجوزي للنشر و التوزيع متجر بيع للكتب العلمية طريقك للعلم والمعرفة