في رواية "الغياف" للروائي صالح بن عايض، والتي تتجاوز الخمسمائة صفحة سرد روائي في هيئة سيرة لكائن شغوف بالأسئلة الوجودية، والمعنى، والبحث في خفايا النفس ومتطلباتها "فماذا يعني الوجود إذن؟ هل هو ذاكرة لا تكل ولا تمل من الحفظ؟ هل هو أن أكون مجرد صورة في ذاكرة؟ هل هو سطر في كتاب؟ هل هو عتبة تنتظر من يرتقي عليها؟ هل هو حائط مبكى"؟ وهكذا تنبثق المعطيات الوجودية عبر الرواية في هيئة سؤال كبير يمتد من الغلاف إلى الغلاف يبدأ في سرد الليلة الأولى والثانية والثالثة وكأنما شهريار ينتظر صباحًا يشرق في غير هذا العالم.
إن الكتابة الإبداعية في رواية الغياف هي إبداع غير محدود يتمثل في تجربة الراوي وإعادة تشكيل الاحتمالات وجوهر المعاني في وصف محايد يشكل أحد أهم فنون السيرة الروائية التي تقوم في نموذجها على سرد ذاتي تتقاطع معه تجربة الراوي ومراوحته بين المواربة والأسئلة في مواجهة الذات الإنسانية وما يخالجها من القيم والانتكاس والقوة، حيث تمثل حقيقة الإنسان من داخله.