هذه الرواية صاحبة سطوة على القارئ، تضعه بين جدران المعتقل المعروف باسم الخزنة لشدّة تحصيناته، ليعيش تفاصيل يوميّة مرهفة وبالغة الحساسية مع شخوصها أولئك الذين يقضون أعمارهم في سجون الاحتلال، وتقتبس الرواية صورهم الحية. كما أستطيع القول إنّ جاذبية الرواية تكمن في صراع الإرادة حرب الأدمغة بين المعتقل والسجان، في تحويل العادي واليوميّ إلى أدوات يسخّرها أبطالها للتفوق على قيد المعتقل وملامسة الحريّة، دون أن تبالغ الرواية في تمجيد التجربة، وأَسْطَرة أبطالها، وإنما بعفوية ذكية تتطور فيها الأحداث البسيطة حتى تصل ذروتها في حفر نفق الهروب من المعتقل، وبإصدارها يضع عصمت منصور عملاً أدبيا شيقًا على رفّ أدب الحرية، ويقدم نصا جديدًا يضاهي ما قدّمته الشاشة من أعمال مثل "الهروب من بريتوريا" و"الخلاص من شاوشانك" وغيرها من الأعمال السينمائية المثيرة، نعم هذه رواية مليئة بالإثارة يسخّر فيها عصمت منصور خبرته كأسير أمضى في الاعتقال قرابة العشرين عامًا، دون أن تكون الحكاية قصته الشخصية فتأخذ شكل السيرة. ويحق للقارئ أن يرفض تصنيف هذه الرواية من ضمن أدب السجون وتصنيفها برواية حب، رغم أحداثها الدائرة داخل جدران المعتقل، ورغم وقائع الإضراب عن الطعام، وحفر النفق للفرار من المعتقل، ذلك أن قصة الحب تلمع في الرواية مثل برق عابر للأسوار.