- الرئيسية
- من ذاكرة التاريخ - محمد الخنيزي


من ذاكرة التاريخ - محمد الخنيزي
35 ر.س
الحق عليه باقي 4 فقط - اطلبه الآن
في ليلة من ليالي الشتاء الطوال، أو بالأحرى في ليالي القوس التي تكون لياليه أطول الليالي في فصول الستة، لم تداعب مقلتي أصابع الكرى، فسبحت في أفق وطفت في سماء الخيال اقرأ ما في صفحات كتاب الكون من ألوان خطوب تتعاقب على حياة المرء في صور ذات ضروب متلونة مثل تلون الحياة، فما دواء هذه الخطوب التي لو وقعت على الجبال لدكتها دكاً، فبينما الإنسان يعيش أوائل الليل في رفاهية من حياته فإذا هي في أواخر الليل تنعكس عيه انعكاس الضد للضد فيظل في حزن عميق لا يعرف أين المخرج منه.
فالأحداث تتلاحق في هذه الحياة كما يعقب الصباح الليل، ويعقب الليل الصباح، وبين الجديدين ألوان قد تكون أقوى من الإنسان، ولكن الإنسان إذا فكر بعقله واستمد الحول من حول و قوة ريه إذ لا حول ولا قوة إلا بالله، فبهذا يستطيع أن يكون أقوى من هذه الأحداث وأقوى من الحياة عندما يركن إلى رکن رکین و حصن لا تزعزعه العواطف و لا تدمره حوادث كما تدمر المدن، والركن العظيم هو الإيمان بالله والتسليم له، فعند ذلك تخضع له الأحداث, ويتغلب عليها بقدرة خالقه وقوته، فالأحداث تكمن في ثوانيه ودقائقه, فالإنسان الذي لا يلجأ إلى ركن ركين قد يضيق صدره بهذه الأحداث فيؤدي به إلى الإنتحار أو إلى الموت البطيء، أما الإنسان الذي يركن إلى رکن رکین وثيق فلا تهزه الأحداث الجسيمة المرة به، في كل شيء، وتحاصره من كل ناحية من نواحي حياته.
خرجت بك, يا قارئي, عن فاتحة المقال عما مر بي في جو تلك الليلة الساهرة أو بالأحرى الليلة القلقة، ولكنني لا أعتبر هذا خروجا عن صميم الحرف.. الحرف التعبيري، كنت في تلك الليلة القلقة أفكر فيما مر بي من أزمة حدث ألمَّ بزوجي، فعشت على وهج ذلك الحدث في حياة مضطرية وجو لهاب تكاد الحياة تضيق علي برحبها، وسرعان ما لجأت إلى فاطر السموات والأرض، وفوضت الأمر كله له؛ لأنه هو القادر والدافع والمانع لكل حدث وملمة وتلوت بعض الآيات من كتابه الكريم المنزل على رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فكأنما نزل على قلبي بردا وسلاماً، و ضرعت لله خاشعا لائذاً بحصته المنيع الذي لا يطاول ولا يحاول، فمن لجأ إليه وتوكل عليه فقد نجا من کربه ومن كل ملمة تلم به وتمر في حياته فإنني متوكل عليك يا ربي و مطالب متك التفضل علي، وما حياتنا إلا تفضل منك أن تمن على زوجي السقيمة بالشفاء، وتجعل الصلاح في برئها وإعادتها لنا, يامن يحيي العظام وهي رميم، فإن الإنسان في هذه الحياة هو يشبه الزورق الصغير، في ثبج موج تقذفه الأمواج و تعصف به الرياح، فلا يدرك ما يحيط به من ألوان هذه الخطوب التي تتدفق حوله كأمواج من قطع الليل ولا يبددها إلا ضوء يرسل إليه من نفحات خالق السماوات والأرض خالق كل شي فعليك يا ربي توكلت وبك آمنت.
أختم هذا الحرف القصير بهذه الآية الكريمة التي فيها كنر من الإيمان "فستذكرون ما أقول له وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد. فوقاه الله سيئات ما ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب "... سورة غافر آية 44
الطبعة الأولى 2020
نوع الغلاف : عادي ورقي
الحجم: 21×14
مكتبة موكسا هي منصة سعودية متخصصة في إثراء العالم العربي بالكتب الهادفة والمميزة أين ما كانوا.