- الرئيسية
- العقل بين التاريخ والوحي - محمد المزوغي

العقل بين التاريخ والوحي - محمد المزوغي
44 ر.س
الغرض الأساسي من هذا الكتاب هو تفكيكي إسلاميات محمد أركون ونقدها في العمق. لم نكتف بعرض أفكاره عرضاً أكاديمياً وبسط أطروحاته، بموضوعية، من خلال مجمل كتاباته، بل إننا عملنا على تمحيصها ووضعها على محك العقل، ونقدها بصرامة، ثم التنبيه على نقاط ضعفها، وطرح البديل المناسب.
كل هذا العمل نقوم به انطلاقاً من أرضية فلسفية علمانية، وتلك هي الأرضية الوحيدة، حسب رأينا، القادرة على ضمان شيء من الحياد والمعقولية. ذلك لأن المفكر المؤمن، أو المنخرط في منظومة دينية، لا يستطيع، مهما فعل، التجرد من إيمانه ولا مناقضة دينه، ونعلم أن كل المقد الذي وجهه المثقفون المتدينون إلى أركون، هو في جوهره ترديد لأطروحات قديمة مبنية على تصور إيماني ديني للأشياء. لقد خاض أركون في حقل الإسلاميات منذ أربعة عقود وحاول تكوين نظرة جديدة، بالعودة إلى الينابيع الأولى التي لم تعكرها التعقيدات اللاهوتية المتأخرة والمصالح السياسية المباشرة. إنه مشروع إصلاحي في جوهره، وككل المشاريع الإصلاحية القائمة على أرضية دينية، يكتنفيها الغموض ومعرضة للالتباس، بافضافة إلى أنها تحمل في ذاتها بذور الانقسام والتفتت، ذلك لأن هدفها يبقى، في نهاية المطاف، هدفاً توفيقياً: لا تود أن تقطع نهائياً مع ظاهرة الحداثة والعقلانية بل تتبنة، في بعض الأحيان، مقولاتها وتستخدمها لقراءة التراث ونقده، وبالمثل فهي لا ترغب في إقصاء الماضي وتهميش النصوص المقدسة، بل تعمل على تنقيتها لكي تعود ملائمة للعصر وفاعلة على أرض الواقع. هكذا كان الأمر بالنسبة لأركون، لقد وجد نفسه بين طرفين ينبغي اختيار واحد منهما: إما العقلانية أو الدين، إما الدنيوي التاريخي أو المقدس المتعالي. لكن نهج أركون التوفيقي الذي يندرج تحت مقولة "لا التفريط في الدين أو القضاء تماماً على الروحانيات. الخطر الوحيد لهذا الموقف هو صعوبة التوفيق بين الضدين، والمعاندة تؤدي إلى التفريط في كليهما، أعني في العقل والدين على حد سواء. ويبدو أن أركون كان واعياً بهذه المعضلة وحاول بكل جهد الخروج من هذا المأزق، لكن للخروج منه فضل التفريط في الأول وأبقى على الثاني، مع تحويرات طفيفة، عرضية لا تمس الجوهر. لقد فرط في العقل العلمي والتاريخ الوضعي، وسد الأبواب أمام أية إمكانية لطلب الحقيقة وذلك في أي مجال من مجالات المعرفة. إنه خيار شخصي، مرتكز على إرادة نزع الأصول، واستحالة التأصيل لأي منظومة فكرية، الشيء الذي أداه إلى وضع كل التعابير الثقافية على نفس الأرضية، وساوى بين الأسطورة والخيال والعلم: جميعها قادرة على إنتاج المعنى، ولا يمكن أن يتفاضل معنى على آخر، لأن المعيار ألأصلي لا وجود له. لقد حاولت إظهار المآزق النظرية وحتى العملية لهذا المنحى الذي اتبعه أركون، من خلال الفحص الموضوعي في أطروحاته ومواقفه من الوحي والنبوة، والكتب المقدسة وعلاقتها بالعقل الوضعي والتاريخ والاستشراق والعلمانية. وبينت أن الخطر يكمن أيضأً في التناقض الجذري بين النتائج المستخلصة والأهداف المعلنة: لأن أركون ما انفك يعلن أمام الملأ عن أن منهجه هو منهج علمي تاريخي، وأهدافه ذات أبعاد نقدية تتعارض مع القرارات السائدة للنصوص الدينية، تلك القراءات التي يحاول أصحابها تبرير التزاماتهم الإيديولوجية وأعمالهم السياسية، وبالأخص منها الحركات الأصولية في العالم الإسلامي. لكن وقوفه الحازم، وفي بعض الأحيان المدمر، ضد العقل الوضعي التاريخي، وضد علم الفيلولوجيا، ثم نقده للمستشرقين وللعلمانية، لا يعمل إلا على نقض تلك المقاصد، ونسف أغراضه العلمية النقدية، وإرجاعه إلى أحضان الفكر الذي كان ينوي الخروج منه. ما البديل إذن؟ عن هذا السؤال سيجد القار ئمحاولة إجابة في النص الذي بين يديه.
نوع الغلاف : عادي ورقي
الحجم : 14×21
مكتبة موكسا هي منصة سعودية متخصصة في إثراء العالم العربي بالكتب الهادفة والمميزة أين ما كانوا.