
مورفين
40 ر.س
مورفين نصٌّ روائيٌّ قصيرٌ يسردُ اليومياتِ الحزينةَ المفجعة للدكتور سيرغي بولياكوف، التي أرسلها إلى زميله بومغارد، بعدما قرَّرَ الانتحار. ونصوصٌ موازية في آخرِ الرواية، تمثل تعقيباتٍ وملاحظاتٍ ومذكّرات واقعية، ليست منمَّقة أدبياً، لأشخاصٍ عاصروا المؤلف بولغاكوف، وعاشوا معه كزوجته الأولى تاتيانا لابا، أو لمختصّين وباحثين في أدبه كفيكتور لوسيف، تحاول الربطَ بين الأدب والواقع عبرَ متلازمة التقارب المورفينيّ بين بطل الرواية وكاتبها؛ لأنه ما إن نُشر هذا العملُ الإبداعي عام 1927، حتى انتشرت الشائعاتُ حولَ الكاتب المدمن على المخدرات! تبدو الرواية تشيخوفيَّة (نسبة لأنطون تشيخوف) في بدايتها، لاسيّما من خلال أطياف الحزن والأسى، التي تحيط بالدكتور بومغارد، في تلك القرية النائية المعزولة عن العالم؛ حيث يشارك هذا الراوي فرحتَه مع القارئ بانتقاله من الريف إلى بلدةٍ كبيرة نوعاً ما. لكنْ غالباً ما يحلم بموقعه القديم، ويفكر في مصير المستشفى البعيد متذكراً المرضى.. يتحدث كثيراً عن السعادة، لذلك، تركز مشاهدُ القسمِ الأول على الضوء، والضحك، والراحة، والشاي المحضَّر في المنزل، والنوم الهادئ... يكتب البطل بولياكوف في نهاية يومياته أنه يخجلُ من مواصلة العيش؛ بينما يكتب المؤلف بولغاكوف رسالة إلى أمّه عام 1921، يقول فيها: "لا أريدُ أن أكونَ بين الأموات!". كان من المفتَرَضِ أن تكونَ نهايةُ الرواية هي النهايةَ المحتملة لحياة المؤلف؛ لكنه تمكَّن من ترويض البلورات القابلة للذوبان.. يموتُ بطل الرواية، لعدم قدرته على التعامل مع الإدمان، بينما يتمكنُ المؤلف من التغلب عليه بقوَّته ورغبته في العيش والإبداع. و ميخائيل بولغاكوف هو روائي ومسرحي روسي وُلد في 15 مايو 1891 بمدينة كييف وتوفي في 10 مارس 1940 في موسكو. كان يعمل طبيبا اشتهر برواية المعلم ومارغريتا التي نُشرت بعد ثلاثة عقود من وفاته. لقد عاش بولغاكوف سنواته الأخيرة مع إحساس بأن مشواره الإبداعي قد مضى سدى. ومع أنه استمر في عمله بهمة عالية واضعاً عدد من الأوبرا («البحر الأسود» ” عام 1937، «مينين وبوجارسكي» عام 1937، «الصداقة» عام 1938، «راشيل» عام 1939، وغيرها)، لكن هذا كان يدل على رصيده الإبداعي الذي لا ينضب أكثر مما يشير إلى سعادة الإبداع الحقيقية. وقد باءت بالفشل محاولة بولغاكوف تجديد علاقة التعاون مع MKHAT عن طريق وضعه مسرحية «باتوم» (التي تدور حول فتوة ستالين) والتي كان لمسرح موسكو الفني مصلحة كبيرة في إخراجها بمناسبة العيد الستين لولادة القائد. فقد تم حظر عرض المسرحية إذ تم تفسيرها من قبل الجهات العليا على أنها سعي من قبل الكاتب لمد الجسور مع السلطات. وهكذا مات بولغاكوف في موسكو في عام 1940 بعد أن أحرق مخطوطة رواية «المعلم ومرغريتا» التي أنقذتها فيما بعد زوجته لترى النور متأخرة حوالي ثلاثة عقود عن تاريخ ميلادها الحقيقي، وليستمتع بها ملايين القراء في العالم ولتضاف بذلك درة أخرى إلى درر الأدب الروسي والعالمي. وحتى بعد نشر مسرحياته وروايته «المعلم ومرغريتا» فإن بولغاكوف لم ينل حقه من الاهتمام من قبل النقاد والمؤسسات الرسمية السوفيتية. بل إن تعتيماً ممنهجاً كان يفرض في المرحلة اللاحقة على الكاتب وعلى إبداعه في الاتحاد السوفيتي السابق. إذ لم يفرج عن أعماله في الاتحاد السوفييتي السابق بشكل رسمي قبل انطلاق البيريسترويكا.. اللهم باستثناء العرض المتكرر لمسرحية «أيام آل توربين» كما أسلفنا. والبرهان على ذلك هو أن السلطات الرسمية الروسية لم تقرر افتتاح متحف الكاتب سوى في آذار من عام 2007 !! حيث صدر قرار عن حكومة موسكو بتحويل البيت الذي كان يقطن فيه بولغاكوف إلى متحف. وأظن أن ذلك ما كان ليتم لو لم تتبرع سيدة روسية بالأشياء التذكارية والوثائق التي تعود للكاتب.
من واحة الأحساء وعمق تاريخ باسقات نخيلها؛ حيث الأدب والشعر والحضارة؛ تلتقيكم مكتوب للنشر بما تنتقيه من الكتب لتحتضنها أكفكم، نسعى لدعم الأفكار والمحتوى الإبداعي في كافة المجالات الأدبية والفكرية..