إذا رُمـــتَ الوصولَ إلى المعالي لتظفر بالكنوز وبالذخائر
خُذ الأشـــــــبـــــــاه ليس له نظير حقيقا قد تسمَّى بالنظائر
ابن عابدين
جاء كتاب ((الأشباه والنظائر)) للزين ابن نجيم خطوة جديدة بعد أن توقف سير التأليف في هذا الموضوع على مدى القرون في الفقه الحنفي، وأما الفقه الشافعي، فقد ألف في كل من ابن الوكيل (716هـ)، ثم السبكي (771هـ) ثم السيوطي (911هـ)، كتابا باسم ((الأشباه والنظائر))، والفضل –كما يقال-للمتقدم.
وأدرك الإمام ابن نجيم هذه الفجوة، فأراد سدها بتأليف كتاب في الفقه الحنفي يحاكي هذه الكتب، كما ذكر في مقدمة ((الأشباه)) حيث قال: ((إن المشايخ الكرام قد ألفوا ما بين مختصر ومطول من متون وشروح وفتاوى واجتهدوا في المذهب والفتوى وحرروا ونقحوا –شكرا الله سعيهم- إلا أني لم أر لهم كتابا يحكي كتاب الشيخ تاج الدين السبكي الشافعي، مشتملا على فنون في الفقه...، فألهمت أن أصنع كتابا على النمط السابق، مشتملا على سبعة فنون))
لا أدل على أهمية الكتاب وقيمته العلمية من تلفي العلماء والفضلاء إياه بالقبول، وثنائهم عليه، وإكبابهم عليه درساً
وتدريسا وشرحا وتعليقا، وقد حظي كتاب الأشباه والنظائر بهذا القبول فقده صار عمدة الحنفية ومرجعهم
ورزق السعادة التامة بالقبول عند الخاص والعام، ضمنه كثيرا من القواعد الفقهية والمسائل الدقيقة والأجوبة الجبلية والذي يغلب على الظن أنه لا يخلو من خزانة أحد قدر على تحصيله من العلماء بالديار الرومية
كيف وقد اعترف مؤلفه أنه الفريد في نوعه بحيث لم أطلع على نظير في كتب أصحابنا رحمهم الله تعالى وقال ابنه أحمد لم يسبق إلى مثله وأشاد به شارحوه ووصفه بأبلغ الأوصاف
فجعله شرف الدين الغزي من أفخر الكتب تصنيفا وأحسنها أسلوبا ظريفا وأرشقها في العبارات وأدقها في الإشارات وهو في بابه عديم النظير جامع من الفقه الجم الغفير
وقال الحموي هو كتاب لم تكتحل عين الزمان بثاني، ولم يوجد في كتب الحنفية ما له يوازي أو يداني، فهو مع صغر حجمه ووجازة نظمه بحر محيط بدرر الحقائق، وكنز فيه نقود الدقائق.