الفتيا الحموية - شيخ الإسلام ابن تيمية - د. عبدالمحسن القاسم

فإنَّ عبادة الله منوطة بمعرفته سبحانه ، وقد أبان الله تعالى صفاته في كتابه أكثر من آيات الحلال والحرام، وبين النَّبِيُّ ﷺ صفات الرب أجمل بيان، وتلقى الصحابة لله ما نزل به القرآن، وما جاء به النبي ﷺ من إثبات و صفات الله على الكمال والجلال، ونقلها عنهم سلَفُ هذه الأمة.

ولما ظهر في الأمَّة مَنْ يتنقَّصُ الرَّبَّ في صفاته، قيض الله من العلماء الربانيين مَنْ يذبُّ عنها ويُبيّن زيف قائليها، ومن أولئك الأفذاذ شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية لله ، فسال قلمه بالتصنيف والرسائل والفتيا في بيان عقيدة السلف، وكشفِ شُبهات المبطلين من المتكلمين وغيرهم الطاعنين في صفات الله ﷻ.

ولِمَا عُرِفَ عن شيخ الإسلام من أهل عصره بجوابه الشافي، سأله سائل من حماة - بلدة بالشام -، ما يقوله الفقهاء وأئمة الدين في آيات الصِّفات وأحاديثها ؟ فأجابه بفتوى اشتهرت بـ «الفتيا الحموية»، ضمنها إثبات صفات الله، وتفنيد شُبَه أهل الكلام، وبيان رداءة فهمهم، وتناقض أقوالهم، وأنَّ الهداية فيما نَطَق به الكتاب والسُّنَّة وما قرره سلف الأمة.

ولأهميتها ومكانتها بين العُلماء وطُلاب العلم؛ حقَّقْتُها على خمس نُسَخِ خَطْيَّةٍ، مُنتقاة من أكثر من ثلاثين نسخة، وجعلتها ضمن المتون الإضافيَّةِ من سلسلةِ : مُتون طالبِ العِلم» التي حققتها على نُسَخِ مُنْتَقَاةٍ مِن أكثرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافِ (٥٠٠٠) مخطوطة، جَمَعْتُهَا مِنْ مكتبات وخزائن شَتَّى في العالم.

وقد أثبت في هذه النسخة حواشي التحقيق المتضمنة لذكر الفروق بين النسخ والتعليق عليها ، وتخريج الأحاديث، وعزو النقول، وشرح الغريب، وغير ذلك، وأَفْرَدتُ نُسخةً أخرى مُجرَّدةً من جميع ذلك.

وجعلت بين يدي الكتاب: منهجي في التحقيق، وترجمة المصنف، وتحقيق اسم الكتاب، وسبب تأليفه ومصادر المصنف فيه، ومنهج المؤلف، ووصف النسخ المُعتمدة في التحقيق، ونماذج من النسخ الخطية.

وأنا أرويها عن مُصَنِّفها من طُرُقِ ؛ أعلاها: ما أخبرنا به مصطفى بن أحمد القُدَيْمِيُّ، عن أحمدَ بنِ حسن القُدَيْمِيِّ، عن مُحمَّدِ بنِ عبد القادر القُدَيْمِيِّ، عن عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، عن محمد مرتضى بن مُحمَّدٍ الرَّبِيدي، عن أحمد سابق بن شعبان الرَّعْبَلي، عن محمد بن علاء الدين البابلي، عن سالم بنِ مُحمَّدٍ السَّنْهُورِيِّ، عن مُحمَّدِ بنِ أحمد الغيطي، عن زكريا بنِ مُحمَّد الأنصاري، عن عمر بن إبراهيم المقدسي، عن مُحمَّدِ بنِ عبد الله المقدسي، عن أحمدَ بنِ عبد الحليم ابن تيمية. رحمهم الله آجمعين