كتاب “الأيام” لطه حسين عمل أدبي فريد، يجمع بين السيرة الذاتية والأسلوب الروائي بأسلوب لغوي راقٍ ومؤثر، ويُعد من علامات الأدب العربي الحديث.
رأيي فيه:
1. أدبيًا:
أسلوب طه حسين في “الأيام” مميز للغاية. يستخدم ضمير الغائب “كان الفتى…” ليروي سيرته، مما يعطي شعورًا بالمسافة والتأمل، وكأنه ينظر إلى نفسه من الخارج. لغته شاعرية لكنها بسيطة، وتجمع بين العمق والوضوح.
2. إنسانيًا:
الكتاب مؤثر جدًا، خاصة في وصف معاناته مع العمى منذ طفولته، وفقره، والظروف الصعبة التي واجهها، لكنه لم يستسلم أبدًا. في كل صفحة، هناك إصرار على التعلم، التحرر الفكري، والنهوض بالمجتمع.
3. فكريًا:
يطرح أسئلة حول التعليم، الدين، التقاليد، والحرية. الجزء الثالث تحديدًا يكشف عن نضوجه الفكري ورؤيته الإصلاحية بعد عودته من فرنسا.
بالمختصر:
هو كتاب من تلك الكتب التي لا تُقرأ مرة واحدة فقط، بل يعود القارئ إليها مرات، ليستخلص منها القوة، والأمل، والفكر.
جميل! إليك أحد الاقتباسات المؤثرة من الجزء الأول من الأيام:
“فما أحبَّ الصوت الذي يخرج من أعماق هذا الصمت، وهو يتردد في هذا السكون، كأنما ينبعث من عالم آخر غير هذا العالم الذي يعيش فيه الناس!”
هذا الاقتباس يعكس إحساس طه حسين المبكر بالانعزال، وعمق تأمله في الوجود، حتى في طفولته، حيث كان الصمت بالنسبة له عالماً مليئاً بالمعنى لا الفراغ.
وإليك آخر من الجزء الثالث:
“إنما التعليم حرية، ولا حرية حيث لا عقل، ولا عقل حيث لا تفكير، ولا تفكير حيث يُملى على الناس ما يقرؤون إملاءً.”
هذا من أجمل ما قاله عن جوهر التعليم ورفضه للتلقين، وتأكيده على أن الوعي والتفكير المستقلّ هما طريق التقدم.