لاقت رواية الليالي البيضاء انتشارًا واسعًا، وأحب القراء رومانسيتها الفيّاضة، والتأملات الخلاقة التي يسترسل فيها دوستويفسكي في أعماله المبكرة محوّمًا حول الموضوعات التي ستتناولها أعماله.
يحكي "فاسيا"، بطل الرواية" عن أحلامه وانفعالاته وحبه الرقيق الحنون، لكن هذا الشاب الذي يعيش حياة انعزالية ويغرق مشاعره القوية وأحلامه الرومانسية، ويحلم بالانتقال من دور الشاعر المغمور أول الأمر، إلى الكاتب المتوّج بأكاليل المجد، في حاجة إلى الخروج من هذه الحياة الخيالية. إنه في حاجة إلى أن يجد صديقًا ( أو صديقة ) ليستطيع أن يفضي بمشاعره. وها هو في ليلة من ليالي شهر مايو البيضاء بينما كان الضياء يضفي على المدينة النائمة طابعًا سحريًا، يلتقي بفتاة بائسة. تتعرض للتحرش من سكير فيندفع ليحميها. إنه يشعر نحوها بشفقة عميقة لأنه يرى أنها حزينة وأن ذكرى من الذكريات كانت تبكيها فيقدم لها صداقته.
يلتقي الشاب والفتاة أربع ليال متتاليات في المكان نفسه فيقصّ كل منهما على صاحبه حياته صادقًا مخلصًا لا يخفي منها شيئًا.
إن هذه الشخصية من أحب الشخصيات التي خلقها دوستويفسكي، وهي عند دوستويفسكي نفسه أقربها إلى قلبه وآثرها في نفسه، وهي شخصية ستظهر في أكثر من عمل له .