لم يُخلق الرجلُ ليبقى وحيدًا ربما، ولكنه وحيدٌ رغمَ هذا، حتى لو كان متزوِّجًا، يبقى الرجل وحيدًا ومنْبوذًا على سطح كوكبٍ يدور في فضاءٍ فلكي بسرعة 29.79 كلم في الثانية. يولَد الرجل.. يركض.. يُسارع ليعيش.. يقرأ الكتب.. يذهبُ إلى السينما.. يُعاني.. يتناول فطورَ الصباح.. يموت.. أحيانًا، وأثناءَ كلِّ هذا، قد يبْدو له أنَّه لم يُخلَق للعزوبية الأبديَّة، قد يبحثُ إذًا عن الوقوع في الحب، هذا يعني أنْ يكذبَ على امرأةٍ جميلة، وعلى نفسِه بذاتِ القدْر.
دَعونا نراه بعينٍ متفهِّمة وحنونة: يحاول أن يكون محبوبًا، وأنْ يكتسب شعبيةً مثل مرشَّح داخلَ حملة انْتخابية، هل يشكُّ ألّا يقدر على تحقيق ما يَعِدُ به؟ قد يجرِّب إقناعَ نفسه بأنَّه سعيد.. يتزوج.. يتناسل.. يلتقطُ صوَّرًا ملوَّنة؛ كمحاولةٍ منه لتخليد كلِّ الأشياء الزائلة. كم تبدو رؤيتُه مؤثرة داخل هذه اللَّقطات، يمسك بين يديْه رضيعًا يلبسُ اللونَ الورْدي بكامله، هذا الأخيرُ لا يعرف بعدُ أنه سينتهي وحيدًا هو أيضًا. إحدى يديه تُمسك يدَ زوجته وتضغطُ عليها (هل ليمنعَها من الرحيل أو فقط من أجل طمْأنة نفسه؟).