إنّ الموتى يدركون حقائق لم يدركها هؤلاء الذين صمّوا أُذُنَ الدنيا صخبًا وضجيجًا، ذلك لأنهم صمتوا، شحذوا الحواسَّ لإدراك ما بعد حدود الموجود، ربَّما كان الفارق بيني وبينكم، هو أنني أدركت تلك الحقيقة، تتحدَّثون كثيرًا عن حياةٍ تمضون عمركم كلّه في محاولة إدراك كيفية الاستمتاع بها، بينما في صمتي أنا أفعل، أصواتكم المتشابكة المختلفة كنشازٍ صاخبٍ اختلط بها الكذب مع الصدق، والخيانة مع الوفاء، واندمجت فيها كلُّ المشاعر المتناقضة بنبراتٍ مِن الأمل اليائس وأقوال الشجاعة المرتعشة، التي حَجَبَتْ بخوفها عنكم ذلك اللحن الراقي للكون، وموسيقى المشاعر الفطرية المنبعثة مِن أنفاسنا وأنفاس كلّ ما ومَن يحيط بنا.