هل كانت الفلسفة عند كانط منوال تفكير أم نمط عيش، وضربا من السلوك اليومي؟ ذاك هو السؤال الذي يبرز في الذهن أثناء قراءة كتاب الأيام الأخيرة لإيمانويل كانط، ويستبد بالقارئ حال الفراغ منه. لقد كان كانط صارما في حياته صرامة نسقه الفلسفي، يقدس الواجب في معاملاته اليومية وهو الذي جعل الواجب منشودا لذاته في أطروحاته عن الأخلاق والقيم. فيهذا الكتاب يترسم توماس دي كوينسي أنفاس كانط وهي ّ تصاعدإلى ّ السماء في براعةفنية لافتة. ّ ويعد مشهد الاحتضار من أقسى المشاهد في الكتاب لأنه، ويا {مفارقة، كان من أمتع المشاهد فنيا. ألم تتحدث الفلسفة الإغريقية، تراث كانط، عن لذة الألم؟كان جسد كانط يتهاوى أمام ضربات الفناء، وقد شقي بشيخوخته الشقاء كله فتهادى في موكب مهيب نحو مستقر الفناء. بيد أن إرثه الفلسفي ظل يناطح الفناء باقتدار ويقتص لصاحبه في ٍ عناد عنيد. إنها تراجيديا فناء كل إنسان مجسدا في كانط. أما كانط فيظل رغم ضآلة جسده أعظم من الحياة بعقله
مكتبة ضفة: مجتمع معرفي متكامل يسعى لإضافة بعد إثرائي في عملية بيع الكتب، ونؤمن بمعنى العمل الثقافي، ونهدف لتكوين قيمنا لتقربنا من قرائنا، كما نطمح لخلق علاقة تبادلية إثرائية مع كافة القراء.