لا يمكن الإحاطة التامة بأي تجربة إبداعية فذة من دون اكتشاف عالمها الذاتي المكنون، تلك الغرف السرية المحاطة بالغموض والأسرار، بالذكريات المرة
والجميلة بالتجارب القاسية والفنية التي منعت الذات الكاتبة وصقلتها، نحن على الدوام ممتنون لتلك الإضاءات الباهرة التي سلطها الكتاب الكبار على كواليس
حياتهم، ومشاغلهم الداخلية، سواء عبر كتابة السيرة الذاتية أو الرسائل الشخصية
وحين تخص الرسائل واحدة من أهم روائي القرن العشرين، مارسيل بروست،
فنحن إزاء سفر ثمين بالتأكيد يجعل من قراءتها تجربة مثيرة ومليئة بالفائدة، لما
تكشفه من خصوصية وثراء وعمل إنساني ، مستقرة صاحب البحث عن الزمن
المفقود) كما لم نقرأه من قبل، وستقع بين أيدينا صورة الوجه الآخر للأديب
الشهيرة بورتريه الإنسان العادي، الغارق بتفاصيل حياته وتقلباتها، نضاله من أجل
الكتابة، صراعه مع المرض، والعقبات اليومية التي واجهته، وبراعته في التعامل
مع كل ذلك وصولا لتحقيق أحلامه، صفر مذهل للمجد والانسحاقا بروست هنا
خارج حسابات النقد الصارمة ومعايير الصحافة والدراسات، ذات إنسانية تقلب
في مجمرة عميقة وقاسية اسمها: الحياة.
عدد الصفحات :540
الناشر: دار الرافدين
المؤلف : مارسيل بروست