روايةٌ تخطفك إلى عالمها من المطلع، ثمّ تنساب بك في ثنايا السرد وتفرّعاته. تبدأ بحكاية محقّقٍ يقرأ روايةً عثر فيها أخيرًا على فكِّ لغزِ جريمةٍ ظلّت تؤرّقه ردحًا من الزمن، فتخالها إذّاكَ روايةً بوليسيّةً ، تسافر بك في رحلة من التّشويق عبر ما يقارب ثمانية عشر قرنًا من وجود الإنسان على الأرض.
تتفرّع مسارب السّرد فتحسبها تفرّقت في صحراء الوجود كالجداول التّائهة، حتّى لا شيء يجمع بينها، فإذا هي تجتمع تدريجيًّا في نهر الحكاية العظيم. يفرد أمامك الكاتب قطع فسيفساء جمعها من أمكنة وأزمنة متباعدة، ثمّ يشرع في ترصيفها قطعةً قطعةً حتّى تتشابك وتتناغم، لتشكّل جسد رواية «الفسيفسائيّ» ببراعةٍ نادرةٍ في السّرد الحديث.وحالما تستوي لوحةُ الفسيفساء، تستيقظ في ذهنك الأسئلة حرّى، بعدما كانت ساكنةً في ثنايا الحكي. من أين تنهض الحريّة؟
من الذاكرة أم من الإرادة أم من تزاوجهما معًا؟
ومن منهما يحدّد الآخر وينحته، الفنّ أم الوجود؟
أليس ما يبقى من هذه الحياة قطعة فسيفساء تقولها وتسلم الباقي إلى النسيان؟
وما النسيان إن لم يكن قطعة فسيفسائك الضائعة أيّها القارئ؟