قليلة هي الروايات العربية التي يستطيع الناقد أن يصفها بأنها من كبرى الروايات الإنسانية, ويدخلها في زمرة الروايات الكبيرة. وهذه الرواية من الروايات العربية القليلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة والتي يمكن أن تدخل في زمرة هذه الروايات الكبرى التي تنطوي الرواية على حوارها التناصي الفريد مع عدد كبير منها. وهو حوار تناصي ثري توظفه الرواية لتوسيع أفق رؤيتها وصياغة وعيها النقدي من أسلافها في آن.
فالمسرّات والأوجاع رواية إنسانية كبيرة بأي معيار من المعايير. وهي في الوقت نفسه رواية عربية خالصة أو بالأحرى رواية عراقية حتى النخاع, بالرغم من أن المؤلف قد تخلى في حوارها عن اللهجة العراقية التي استحالت بين يديه شعراً في روايته الأولى (الرجع البعيد). حيث أنه استعاض عن شعر العامية بشعر السرد العربي الرقيق الذي يبلغ في هذه الرواية درجة من الرقة والشفافية التي تكتسب جماليتها من ملائمة الكلمة للقصد وحتمية التعبير دون تزيد أو ترهل في الجملة أو تصنع في انتقاء مفرداتها.