إن البلاغة التي أعنيها وأدافع عنها هي البلاغة التي تحدى بها القرآن أمراء القول في عهد كان الأدب فيه صورة الحياة، وترجمة الشعور، وعبارة العقل. هي بين البلاغة التي لا تفصل بين العقل والذوق، ولا الفكرة والكلمة، ولا بين الموضوع والشكل، إذ الكلام كائن حي روحه المعنى، وجسمه اللفظ، فإذا فصلت بينهما أصبح الروح نفسًا لا يتمثل، والجسم لا يحس جمادا. فالبلاغة إذاً: توجه إلى العقل أو القلب، أو إليهما معاً، تبعاً لما تقتضيه حالات المخاطبين من مقاومة الجهل والهوى.