عصر الزجاج
22 ر.س
كملة رئيس التحرير
عندما كنت في رحلة إلى قبرص الشهر الماضي، اغتنمت إجازتي للبحث عن هدية زواج ذات معنى لصديقَيَّ اللذين سيُقام حفل زفافهما صيفًا باليونان. وأنا أتجول بين أزقة مدينة لارنكا في يومي الأول بتلك الجزيرة، جذب انتباهي متجر فخاريات كان مغلقًا حينها، ولكني استطعت معاينة بعض معروضاته عبر النافذة؛ وكان أبرزها مُجسّم برأسين دُمجا في جسدٍ واحد. عُدت إلى المحل قُبَيل انقضاء رحلتي القصيرة ورحتُ أتفحَّص جميع الأعمال بدقة؛ ولكنّي اخترتُ اقتناء ذلك المُجسّم. "عندما يقرر شخصان الزواج، فإنهما يصبحان كالجسد الواحد"، هكذا قال لي صاحب المتجر، وهو نفسه مُبدع هذه الأعمال. استلهم الرجل فكرتَه من قطعة أثرية ترجع إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد وتعود إلى الحضارة المينوسية. قال محاولًا إشباع فضولي المعرفي: "يمكنك رؤية تلك التحفة لدى متحف يبعد أربع دقائق عن هنا". لم يكن حصولي على هذه الهدية مَحض مصادفة تمامًا. فحيثما ارتحلتُ أجد نفسي باحثًا عن خزفيات من صنع فنانين محليين. أميلُ للخزفيات أكثر من ميلي للقطع المصنوعة من مادتَي الخشب أو المعدن، واللتين تنبت أولاهما من الأرض، فيما تُستخرج الثانية من جوفها. أما الخزفيات (والفخاريات بالتحديد) فتُصنع من الصلصال، وهو مادة تُشكَّل تقليديًا بِيَد الحِرَفي المجردة ليبُثّ أفكارهُ ومشاعره فيها بحُرية وأريحية. ويتطرق موضوع غلاف عددكم هذا لمادة تشترك مع الخزفيات في الأصل "الترابي"؛ على أنها أخذَت منحى آخر في القرون الأخيرة. الكلامُ هنا عن الزجاج ومُنتجاته التي ما فتئت تَظهر إلى السطح بفضل التنقيب، لِتُبيّن الأهمية الكبيرة التي كانت لهذه المادة منذ آلاف السنين. أما اليوم فإننا نَشهَد ثورة تقنية حقيقية في مجال تصنيع الزجاج، حتى إنّ بعضَهم يصفون عصرنا الحالي بأنه "عصر الزجاج". أرجو لكم قراءة مفيدة.
تقرأ في هذا العدد:
- عصر الزجاج .. التقنية تطرق أبواب هذه المادة العريقة لتشكيل مستقبل رفيق بالبيئة
- مقبرة الأزياء
- فنانو أمريكا الأوائل
- جداول إنجلترا
مكتبة موكسا هو منصة سعودية متخصصة في إثراء العالم العربي بالكتب الهادفة والمميزة أين ما كانوا.